الأصل الرابع: هو أن تكون الأسرة هي قاعدة البناء الإجتماعي وأن تقوم على أساس التخصص بين الزوجين في العمل وأن تكون رعاية الجيل الناشئ هي من أهم وظائف الأسرة فالمجتمع الذي هذا شأنه هو المجتمع المتحضر لأن الأسرة هي البيئة التي تنشأ وتنمى فيها القيم والأخلاق الإنسانية متمثلة في الجيل
الناشئ، والتي يستحيل أن تنشأ في وحدة أخرى غير هذه الأسرة، أمَّا أن تكون العلاقات الجنسية (الحرة كما يسمونها) والنسل غير الشرعي هو قاعدة المجتمع، أو حين تقوم العلاقات بين الجنسين على أساس الهوى والنزوة والإنفعال لا على أساس الواجب والتخصص الوظيفي داخل الأسرة، أو حين تترك هذه المهمة وتفني طاقاتها في الإنتاج المادي وصناعة الأدوات ولا تنفقها في صناعة وتربية الإنسان، أو حين يكون الإنتاج المادي يومئذ أعز وأغلى وأكرم من الإنتاج الإنساني فعندئذ يكون هذا هو التخلف الحضاري بل الجاهلية بعينها.
إذن فالتخصص الوظيفي في الأسرة التي تقوم ببناء الإنسان هو الأساس في المجتمع المتحضر الإسلامي بحيث يقوم كل بوظيفته داخل الأسرة لقد شاء الله أن يكون ميدان إنشاء العنصر الإنساني وتنشئته هو ميدان عمل المرأة بالدرجة الأولى، ويقارن الشيخ محمد متولي الشعراوي بين ميدان عمل المرأة هذا وميدان عمل الرجل خارج البيت، ويرى أن ميدان عمل المرأة هو أهم وأدق من ميدان عمل الرجل.
إذن الرجل بحكم عمله خارج البيت إنما يتعامل في أشياء كلها مسخرة لخدمة الإنسان الذي هو أكرم ما في الوجود بينما المرأة تكون مهمتها هي التعامل مع هذا المخلوق المُكرم الذي هو الإنسان تتعامل معه كزوج فيسكن إليها وتتعامل معه جنيناً في بطنها ووليداً في حضنها ورضيعاً تغذيه وتحنو عليه وطفلاً وصبياً وشاباً تربيه وترعاه (١) .