للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ما تقدم فإن وفرة الإنتاج وحده، أو الإبداع المادي وحده، لا يسمى في الإسلام حضارة فقد يكون معه التخلف وتكون معه الجاهلية (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعملون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) (١) .

خلاصة القول في هذا الفصل هي أن الثقافة والحضارة في التصور الإسلامي مرتبطتان إرتباطاً عضوياً فعندما يكون الجانب العملي للثقافة مطبقاً تطبيقاً واقعياً وعملياً صحيحاً للجانب المعياري فيهما مع إستخدام كل معطيات الإنسان والزمان والمكان ... تكون الحضارة.

لأن الحضارة كما سبق وأن أشرنا هي عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها إنسانياً وخلقياً وأدبياً وإجتماعياً وفق منهج الله تعالى وشريعته.

وعندما يصل المجتمع المتحضر الإسلامي إلى هذه الدرجة ويظل متمسكاً بمقومات حضارته وهي إفراد الله بالعبادة ومن ثم إفراده بالحاكمية واعتبار العقيدة هي الأساس وهي آصرة المجتمع الرئيسية واعتبار إنسانية الإنسان هي القيمة العليا في المجتمع والنظر إلى الأسرة على أنها قاعدة البناء الإجتماعي وقيام الإنسان بالخلافة في الأرض على أساس الإحسان في العمل عندئذ فقط يتبوأ المجتمع المتحضر الإسلامي مكانته اللائقة به في تربية الإنسانية وقيادتها إلى الحق والعدل (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (٢) والقائد المسلم الذي نعنيه في هذا البحث معني بفهم وتدبر هذه المفاهيم للثقافة لتكون له نبراساً في القيام بمسئولياته القيادية وهو يحمل عزة المسلم الفخور بثقافة أمته وتراثها الحضاري والعلمي ويسهم من جانبه في تطوير وتقدم هذه الثقافة التي ينتسب إليها فمن هو يا ترى القائد المسلم؟ وما هي يا ترى مواصفاته؟ . هذا ما سنعرفه في بحث آخر بإذن الله تعالى.

• • •

الخاتمة:

<<  <  ج: ص:  >  >>