فهذه الجملة إذا لم تكن (ما أَفْعَلَه)(١) ، ووقع بعدها جملة معطوفة مصدَّرة باسم مشتغلٍ عنه غير مفصول عن العاطف بأمّا (٢) ، أو إذا الفجائية (٣) ؛ استوى في المشتغل عنه النّصبُ بفعلٍ مفسَّرٍ، والرَّفُع بالابتداءِ، والمعطوفُ عليه في الوجه الأول جملةُ الخبر الفعليةُ، وتسمَّى الجملةَ الصُّغرى، وفي الوجه الثاني الجملةُ الابتدائية الاسمية، وتُسَمّى الجملةَ الكبرى.
وقد مثَّل سيبويه لهذه المسألة بمثالين خلت فيهما الجملةُ المعطوفةُ من ضميرٍ يعود إلى المبتدأ في الجملةِ الأولى، وهما: عمرٌو لقيتُه وزيدٌ كلَّمتُه، وزيدٌ لقيتُ أباه وعمراً مررتُ به.
فزيدٌ في المثال الأول وعمرٌو في المثال الثاني يجوز فيهما عنده النصب والرفع على الوجهين المتَقَدِّمين، ولم يفضِّل أحدَهما على الآخر (٤) .
واستدلَّ على ما ذكره بجواز النَّصبِ والرَّفعِ في الأمثلة الآتيةِ:
١- زيدٌ لقيت أباه وعمرٌو، أو وعمراً.
٢ زيدٌ لقيتة وعمرٌو، أو وعمراً.
٣ زيدٌ ألقاه وعمرٌو، أو وعمراً (٥) .
ووجه الاستدلال أنَّ هذه الأمثلة يجوز فيها عطفُ (عمرو) بالرَّفع على المبتدأ، وبالنَّصبِ على المفعول به في الجملة الصُّغرى، مع أنَّه لا يقع موقعه، فلا تقول: زيدٌ لقيت عمراً؛ لخلوِّ جملة الخبر من ضمير يربطها بالمبتدأ.
وفي هذا دليلٌ على جواز ما ذكره في: زيدٌ لقيته وعمرو كلمته، من رفع الاسم بعد الواو على الابتداء؛ مراعاةً للجملة الكبرى، ونصبه بفعلٍ مفسَّرٍ؛ مراعاةً للجملة الصُّغرى، وهي الفعليةُ الواقعةُ خبراً، مع أنَّ المعطوفَ لا يصحُّ أنْ يقع موقعها؛ لخلوِّه من عائدٍ إلى المبتدأ (٦) .
فسيبويه إذن لا يشترط لاستواء النَّصب والرفع في هذه المسألة وجودَ ضميرٍ في الجملِة المعطوفِة يعود إلى المبتدأ في الجملِة الأولى.
ونقل أبوسعيد السِّيرافيُّ عن الزِّياديِّ وغيرِه من النَّحويينَ إنكارَ كلام سيبويه في هذه المسألة (٧) .