وقد سمَّت المصادرُ من المنكرين أبا الحسن الأخفشَ الأوسطَ (١) .
وخلاصةُ قولهم ما يأتي:
أولاً: اشترطوا لاستواء النَّصبِ والرَّفعِ أن يكونَ في الجملِة المعطوفة ضميرٌ يعود إلى المبتدأ في الجملة الأولى، فالمثالُ عندهم: زيدٌ لقيتُه وعمرٌو كلمته عنده (٢) .
ثانياً: نقدوا تمثيل سيبويه للمسألة؛ لفقده الشرط المتقدم، واحتجوا بأنَّ المعطوفَ يأخذ حكم المعطوفِ عليه، وفي المثالين اللَّذين ذكرهما سيبويه لو نُصِبَ الاسمُ بعد العاطفِ بفعل مضمرٍ عطفاً على الجملة الصُّغرى وهي جملةُ الخبر لما صحَّ ذلك؛ لأنَّ الجملة المعطوفة تخلو من ضميرٍ يعود إلى المبتدأ (٣) .
ثالثاً: ذكروا أنَّ الجملة المعطوفة لا يصحُّ ألا يكون لها محلٌّ من الإعراب؛ لامتناع عطفِ جملةٍ لا محلَّ لها على جملةٍ لها محلٌّ (٤) .
رابعاً: نَقَدَ الزِّياديُّ استدلالَ سيبويه على صحةِ تمثيله بجواز النَّصب والرفع في: زيدٌ لقيتُ أباه وعمروٌ، أو عمراً، فقال:"هذا غيرُ مشبه لذاك؛ لأنَّ قولنا: وعمراً، ليس بجملةٍ، وإنما هو اسمٌ واحدٌ وَقَعَ عليه الفعلُ الذي وَقَعَ على الأبِ بعينه، فقد صار (عمروٌ) مع الأبِ مفعولَ (لقيت) ، و (لقيت) خبراً لزيدٍ، وفي مفعوليه ما يعود إليه، وهو الهاء في الأبِ، و (عمرٌو كلمته) جملةٌ قائمةٌ بنفسها، ليست بداخلةٍ في الفعل الأول، ولا الفعل الأول واقعٌ عليها"(٥) .
ونحا النَّحويون في هذه المسألة ستةَ أنحاء:
الأول: موافقة سيبويه في عدم اشتراط الضَّمير، وممَّن ذهب هذا المذهبَ الفارسيُّ، والزَّمخشريُّ، وصدرُ الأفاضل، وابنُ الحاجب، وابنُ مالك، وابنهُ، وابنُ عقيل، والسَّلسيليُّ (٦) .
واحتجَّ الفارسيُّ وابن مالك بأنَّ الجملةَ المعطوفَ عليها لم تظهر عليها علامةُ الإعراب؛ فلذا جاز أن تُعطَفَ عليها جملةٌ لا محلَّ لها من الإعراب (٧) .