للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا ما أورده السيرافي، ولم يعزه إلى واحدٍ من المانعين (١) ، فلا أدري ما نصيب أبي إسحاق الزِّياديِّ منه.

ووجَّه المبرد البيت الأول توجيهاً مخالفاً لما نقله أبو سعيد، فذكر أنَّ (شنج) صفة مشبهة، و (عضادة) انتصب على التشبيه بالمفعول به (٢) .

واختار قولَ سيبويه النحاسُ، وابنُ ولاد، وأبو سعيد السيرافيُّ، والرمانيُّ، وغيرهم (٣) .

واستدلوا بالنقل، والعقل:

فمن النقل ما رواه اللّحياني عن بعض الأعراب، وهو قوله في صفة الله عز وجل: هو سميعٌ قولَك وقول غيرك (٤) ، وقول ابن الرقيات:

فتاتان أما منهما فشبيهةٌ

هلالاً والاخرى منهما تُشبه البدرا (٥)

وقول زيد الخيل:

أتاني أنَّهم مَزِقون عِرْضي

جحاشُ الكِرْمَلَيْنِ لها فديدُ (٦)

ففي الأول والثاني إعمال (فعيل) ، وفي الثالث إعمال (فَعِل) .

وكفى بهذه الأدلة مرجّحاً لقول سيبويه.

أما الدليل العقلي فما ذكره ابن ولاد من أنّ هاتين الصيغتين قد تحقَّق فيهما موجبا الإعمال: العدلُ عن اسم الفاعل للمبالغة، والجريُ على فعلٍ مُتعدٍّ (٧) .

كما أثبتوا صحة احتجاج سيبويه بالأبيات التي أنشدها:

فأما بيت لبيد فذكر السيرافي وابنُه وابن عصفور أن (عضادة) فيه لا تُحمل على الظرفية؛ لأنها اسمٌ للقوائم، والأسماء لا تكون ظروفاً مقيسةً ما عدا أسماء الزمان والمكان (٨) .

وبيَّن الأعلم وأبو نصر القرطبي فساد حملها على الظرفية من وجهٍ آخر، وهو أن ذلك يقتضي تشبيه الناقة بحمارٍ منقبضٍ في ناحية الأتان، مهينٍ، قد شغفه عضُّها ورمحُها، وهذا مناقض لما يريد الشاعر من وصف ناقته بالجري (٩) .

وردَّ ابن ولاد توجيه المبرد المتقدم بأنَّ الصفة المشبهة لا تعمل إلا في سبب الموصوف، و (عضادة) ليست من سبب الموصوف، وهو (مسحل) (١٠) .

وهذا يلزم المبرد؛ لأنَّه ذكر أنَّ الصفة المشبهة لا تعمل إلا فيما كان من سبب الموصوف (١١) .

واستدل بعضهم على صحة توجيه سيبوبه بقول جبار أخي الشماخ:

<<  <  ج: ص:  >  >>