والسادس: اشتراط العطف بثُمَّ لجوازِ النَّصب، ونسبه أبو حيان إلى الجمهور (١) ، وفيه نظرٌ؛ إذ تقدم أنَّ أعلامَ النَّحويين منهم مَنْ وافق سيبوبه، ومنهم مَنْ وافق الأخفشَ والزِّياديَّ.
ولم يظهر لي ما يُعضِّد هذا التَّفريقَ بين حروف العطف.
٤- منع تعدِّي فَعيل وفَعِل
منع الزِّياديّ (٢) ، والمازنيّ (٣) ، والمبرد (٤) ، وابن السراح (٥) تعدِّي (فَعيل) ، و (فَعِل) المحّولين من اسم الفاعل للمبالغة، واحتجوا فيما ذكر السيرافي بأنَّهما صيغا للصفات الملازمة للذات كشريف، ونحوه (٦) .
وذهب سيبويه إلى جواز تعدِّيهما، وذكر أنَّ تعدِّي (فعيل) قليلٌ، وتعدِّي (فَعِل) أقلُّ (٧) ، ووافقة الجرميُّ في تعدِّي (فَعِل) محتجاً بشبهها للفعل في الوزن (٨) .
واستدل سيبويه بقول لبيد:
أو مِسْحَلٌ شَنِجٌ عضادةَ سَمْحَجٍ
بسراته نَدَبٌ له وكُلومُ (٩)
والشاهد نصب (عضادة) مفعولاً به ل (شنج) .
وقول الشاعر (١٠) :
حَذِرٌ أموراً لا تُخافُ وآمِنٌ
ماليس مُنجيَه من الأقدارِ (١١)
والشاهد نصب (أموراً) ب (حَذِر) .
وقول ساعدة بن جؤية:
حتى شآها كليلٌ مَوْهناً عَمِلٌ
باتت طِراباً وبات اللَّيلَ لم يَنَم (١٢)
والشاهد نصبُ (موهناً) مفعولاً به ل (كليل) المحوّل من (مُكلّ) (١٣) ، أو (مكلِّل) (١٤) .
وذكر السيرافي أنَّ المانعين ردُّوا الاحتجاج بالأبيات:
فذهبوا إلى أنَّ (عضادة) في البيت الأول ظرفٌ، وأنَّ الشاعر شبَّه ناقته بحمارٍ لازمٍ يمنةَ أتانٍ أو يسرتها.
وذكروا أنَّ البيت الثّاني مصنوعٌ، صنعه الأخفش لما سأله سيبويه عن شاهدٍ لإعمال (حَذِر) .
وحملوا (موهناً) في البيت الثالث على أصله، وهو الظَّرفية؛ إذ الموهن الساعة من اللَّيل، وفسّروا البيت بأنَّ هذه الأتن قد شاقها الكليل وهو البرقُ الضعيف في هذه الساعة، فنقلها إلى موضعه.