للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تلك آراء البصريين وأصحابهم، أما الكوفيون فنُقِل عنهم إطلاقُ منع إعمال صيغ المبالغة؛ لمخالفتها أوزان المضارع ومعناه، وحملُ نصب الاسم بعدها على تقدير فعلٍ، ومنعُ تقديم الاسم عليها (١) .

ورد قولَهم ابنُ عصفور وابن هشام بشواهد قُدِّم فيها الاسم المنصوب (٢) ، ومنها قولُهم: أما العسلَ فأنا شرّابٌ (٣) .

٥- منع وقوع كِرْكِرَةٍ وثَفناتٍ وصفاً

أنشد سيبوبه قول العجاج (٤) :

خوَّى على مستويات خمسِ

كِرْكِرَةٍ وثَفِناتٍ مُلْسِ (٥)

ثم قال: "وهذا يكون على وجهين: على البدل، وعلى الصفة" (٦) .

يعنى: كركرة وثفنات.

وقد حمل الزياديُّ قولَه: "وعلى الصِّفة" على ظاهره، وردهّ قائلاً:

"لا تكونُ الكِرْكِرةُ والثَّفِناتُ وصفاً؛ لأنها أسماءٌ (٧) "

يريد: أنَّهما اسمان جامدان، فلا يقعان نعتاً؛ إذ النَّعتُ لا يكونُ إلا مشتقاً، أو بمنزلته (٨) .

وردَّ عليه الأعلُم وابنُ خلفٍ، وذهبا إلى أنَّ سيبويه أراد بالصِّفةِ عطفَ البيان (٩) ، وهو يكونُ اسماً جامداً.

وما ذكراه قد يُحتج له بما يأتي:

١ أنَّ سيبويه تسامح في مصطلحِ الصِّفة، فأطلقه على التوكيد (١٠) ، وذكر السُّهيلي أنه أطلقه على عطف البيان (١١) ، ولم أقف في الكتاب على ما يقطع بهذا.

٢ أنَّ عطف البيان يُشبه الصِّفة في البيان عن المتبوع (١٢) .

ولكن الراجح عندي أنَّ سيبويه أراد بالصِّفة النعتَ؛ لما يأتي:

أأنَّ حملَ الكلام على ظاهره أولى؛ إذْ صرفُه عنه لا يكون إلا بدليلٍ قاطع، ولا دليلَ هنا.

ب أنَّ سيبوبه أنْشَدَ قول العجّاجِ شاهداً على: مررتُ بثلاثةِ نفرٍ رجلين مسلمين ورجلٍ كافرٍ، وقد جعل (رجلين، ورجل) في هذا المثال تفسيراً للنعَّت، أي: توطئة ووِصْلة له (١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>