للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقل غيرُهما في المسألةِ خلافاً، وتفصيلُه على النحو الآتي:

١ ذهب جمهورُ البصريين إلى المنع المطلق في غير الشِّعر (١) ، واحتجوا بحجتين:

إحداهما: أنَّ ضمير الجر شبيهٌ بالتَّنوين، ومعاقبٌ له، فلا يُعطف عليه كما لا يُعطف على التَّنوين (٢) .

والأخرى: أنَّ المعطوفَ نظيرُ المعطوف عليه في موضعه من العامل، والتّعاقبُ بينهما جائزٌ، ولا يصلح أنْ يعاقب المضمرُ المجرور المعطوفَ؛ لأنهَّ ليس له منفصلٌ (٣) .

وقد تبعهم كثيرٌ من النَّحويين (٤) .

٢ عزي إلى الكوفيين القُبْحُ (٥) ، ونصَّ عليه الفراءُ في (معاني القرآن) (٦) ، ولكنَّه خالفه في موضع آخر، فأجاز العطفَ مطلقاً (٧) .

٣ عُزي إلى يونس (٨) ، وقطرب (٩) ، والأخفش (١٠) والكوفيين (١١) الجوازُ المطلق. والذي في (معاني القرآن) للأخفش المنعُ (١٢) ، فلعله رَجَعَ إلى قولِ أصحابه البصريين.

وتوقّف بعضُ الباحثين في عزو الجوازِ إلى الكوفيين (١٣) ؛ لأنَّ ثعلباً نَقَلَ عن الكسائي مَنْعَ العطفِ على المضمرِ (١٤) ، ولأنَّ الفراءَ نصَّ في (معاني القرآن) على المنع.

وقد تقدَّم أنَّ الفراءَ اختلف كلامهُ في المسألة، فقبحها في موضع، وأجازها في موضعٍ آخر، فلعل من عزا إلى الكوفيين الجوازَ وقف على القول الثاني، ولم يقف على الأول.

٤ ذهب الجرميُّ، والزِّياديُّ إلى الجواز المقيَّد بتأكيد الضمير، نحو: مررت بك أنت وزيدٍ، ومررت به نفسه وزيدٍ (١٥) ؛ قياساً فيما يظهر على جواز العطفِ على ضمير الرَّفع المتَّصل المؤكَّد. وعُزي هذا المذهب إلى الفراء (١٦) ، ولم أقف عليه في (معاني القرآن) .

ونقل عن الزِّياديّ تعليلُ منعِ العطف إذا لم يؤكد الضمير بشبهه بالتَّنوين (١٧) ، ويفهم منه أنّ الشبه قد زال بالتأكيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>