للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أن يكون قد أراد أنَّ الكلامَ متضمِّنٌ معنى الشَّرط، وهذا مُعَتَرضٌ بشيئين لا يمكن الانفصالُ عنهما:

أحدهما: أنَّ الشرط لا يصح إلا مع الاستقبال، والكلامُ هنا حكايةٌ عن حالٍ ماضيةٍ (١) .

والآخر: أنَّّ الفاء لا تجتمع مع (إذا) في جواب الشَّرط (٢) .

والوجه الثاني: أن يكون أراد فاءَ السَّببية وهذا الوجه ذكره الرضي (٣) ، وابن هشام (٤) . والسَّببية معنى تُفيده الفاءُ، وليس نوعاً من أنواعها.

أما قولُ المازنيِّ وهو الزيادةُ وقولُ مبرمان وهو العطف فمحتملان؛ إلا أنَّ أرجحهما مذهبُ مبرمان، لأنَّ الزيادةَ خلافُ الأصلِ، فلا يصار إليها إلا إذا امتنع غيرها، أما العطفُ فهو الغالبُ على الفاءِ، وهي في هذه المسألةِ تُفيدُ ما تفيدُه العاطفةُ من الترتيبِ والمعاقبةِ والسَّببية، ولا يُعترضُ بمخالفةِ ما بعد الفاء لما قبلها؛ لأنَّ الانفصالَ عنه من وجهين:

الأول: ما ذكره ابنُ جني في الخصائص. وقد تقدَّمَ.

والثاني: أنَّ المعنى: خرجت ففاجأني زيدٌ، والحمل على المعنى كثيرٌ في كلامهم (٥) ، وإن كان الغالب في باب العطف أن يكون الحمل على معنى المعطوف عليه.

على أن الزمخشري يرى أنّ العامل في (إذا) فعلٌ مقدَّرٌ من لفظِ المفاجأةِ (٦) .

وعلى قوله يسقط الاعتراضُ.

١١- جواز المجازاة بعد ظروف الزمان المضافة

مَنَعَ سيبويه في غير الشِّعرِ المجازاةَ بعد (إذْ) ، و (حين) ونحوهما من ظروف الزمان، وفي كلامه ما يُشعر بأنَّ العرب لم تجازِ بعدها، حيث يقول: "وإنما كرهوا الجزاء هاهنا؛ لأنه ليس من مواضعه؛ ألا ترى أنَّه لا يحسن أن تقول: أتذكر إذْ إنْ تأتنا نأتك" (٧) .

واحتج أيضاً بأنها تصرف ما بعدها إلى الابتداء (٨) .

ومذهبُ سيبويه هو مذهبُ الجرميِّ والمازنيِّ (٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>