للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. فنحن نجد هنا أن كلمة (فتح) قد اتسعت لأكثر من (١٦) ستة عشر معنى، بين محسوس ومجرد، وكلها جارية متداولة، متعارف على استعمال الكلمة فيها ضمن سياقاتها الخاصة. ويمكن أن تتسع لمعان مجازية أخرى متعددة أيضاً كما اتسعت غيرها.

... نظم المعلم بطرس البستاني صاحب معجم «محيط المحيط» قصيدة تصل إلى (٣٠) ثلاثين بيتاً تنتهي كل أبياتها بكلمة (الخال) بمعان مختلفة. ولهذا سميت بالقصيدة الخاليِّة، وربما أراد بذلك إظهار مدى اتساع التعدد الدلالي للألفاظ العربية وسعة اطلاعه وإحاطته بهذا التعدد. ومن هذه القصيدة:

أمن خدها الوردي أفتنك الخال

فسح من الأجفان دمعك الخال

الومض برق من محيا جمالها

لعينيك أم من ثغرها الومض الخال

رعى الله ذياك القوام وإن يكن

تلاعب في أعطافه التيه والخال

مهاة بأمي أفتديها ووالدي

وإن لام عمي الطيب الأصل والخال (١)

... ومعاني كلمة (الخال) في هذه الأبيات على التوالي: الشامه في الوجه /السحاب الممطر/البرق/ الغرور أو التكبر/ أخو الأم

... إن تعدد المعاني أو المدلولات للكلمة الواحدة إلى الحد الذي رأيناه ليس في الحقيقة ظاهرة غريبة؛ لأن معنى الكلمة كما يقول رائد الفلسفة اللغوية في العصر الحديث (لودفج فتجنشتين) L Wittgenstein: (ليس له ثبات أو تحديد.. واللغة ليست حساباً منطقياً دقيقاً لكل كلمة معنى محدد ولكل جملة معنى محدد ولكل الجمل وظيفة واحدة.. وإنما تتعدد معاني الكلمة بتعدد استخداماتنا لها في اللغة العادية، وتتعدد معاني الجملة الواحدة حسب السياق الذي تذكر فيه.. وأن الكلمة مطاطة تتسع وتضيق استخداماتها حسب الظروف والحاجات) (٢) ومع ذلك فإن لهذا التعدد مبررات وأسباباً ثابتة ومحسوسة يفرضها الواقع الاجتماعي وظروف الحياة المختلفة المتغيرة.

أسباب نشوء المشترك

<<  <  ج: ص:  >  >>