للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. إن تعدد المعنى للكلمة الواحدة قد يحدث - كما هو ثابت ومشهود - نتيجة لاختلاف اللهجات واختلاف استخدامها للكلمات، فكلمة القرءُ، كما يقول ابن السكيت ((عند أهل الحجاز الطهر وعند أهل العراق الحيض)) (١) بينما القروء في واقعها الأوقات التي يحصل فيها الطهر أو الحيض. وقد يحصل أن تداخل اللهجات عن طريق التجاور والمعاشرة والاختلاط بين أفراد الجماعات، مما يؤدي إلى حدوث عملية التراكم الدلالي.

... وقد يتعدد المعنى للكلمة الواحدة كذلك نتيجة للاستخدامات المجازية الإرادية لهذه الكلمة، أو نتيجة لاستعمالها في معنى معين، ثم استعارتها لمعنى أو معان أخرى، يكثر ويغلب تداولها حتى تصير بمنزلة المعنى الأصلي في الاستعمال والشيوع. وهذا ما نص عليه أبو علي الفارسي بقوله: ((إن اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ينبغي أن لا يكون قصداً في الوضع ولا أصلاً، ولكنه من لغات تداخلت، أو أن تكون لفظة تستعمل لمعنى ثم تستعار لشيء فتكثر وتصير بمنزلة الأصل)) (٢) فكلمة سيارة في اللغة العربية على سبيل المثال تعني في الأصل القافلة، ثم استعيرت واستعملت بمعنى (العربة الآلية التي تستخدم في نقل الناس والبضائع) وقد شاع استعمال الكلمة بهذا المعنى في عصرنا الحاضر حتى أصبح بمنزلة المعنى الأصلي لها، وهكذا كلمة مبلغ التي تعني في الأصل (منتهى الشيء أو غايته) ، ثم استعملت بمعنى (مقدار من المال) . وقد غلب استعمال هذا المعنى لها في العصر الحاضر كما نرى حتى صار بمنزلة الأصل ...

<<  <  ج: ص:  >  >>