للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. وينشأ المشترك أحياناً في ظروف لغوية معينة يُعدل فيها عن المعنى الأصلي للفظ إلى معنى آخر مباين أو مضاد لمعنى اللفظ المتعارف عليه بهدف التفاؤل أو التأدب أو التهكم والسخرية أو التهويل والتعظيم أو اجتناب التلفظ بما يمجه الذوق أو بما يكره أو يحرج أو يؤلم المخاطب أو يحدث له أو للمتكلم ضرراً أو بصورة عامة لغرض ما اصطلحت اللغات الأوروبيّة على تسميته باسم «Euphemism» أي تلطيف التعبير عن شئ بغيض (١) . ثم يرجع إلى استعمال المعنى الأصلي في ظروف لاحقة أخرى، وهكذا يحصل التناوب والتبادل بين المعنيين أو المعاني وقد تصبح هذه المعاني نتيجة لكثرة هذا التناوب والتبادل في مستوى واحد من الاستعمال والدوران، ولا ينفك أي منها عن الارتباط باللفظ.

... نحن نقول للأعمى بصيراً ونقول لمن ذهب بصر إحدى عينيه كريم العين، للتأدب أو لتفادي إحراج المخاطب وإيلامه أو للتطلف في التعبير عامة. ويطلق على المهلَكة لفظ المفازة على جهة التفاؤل كما يسمى العطشان رياناً والأسود أبو البيضاء (٢) . تماماً كما كان العرب يطلقون على عبيدهم أسماء يتفاءلون بها مثل: ميمون ومبروك وكافور.. ويسمى الملدوغ سليماً للتفاؤل كذلك أو الدعاء أحياناً.. كما يقال للمهرة الجميلة شوهاء خوفاً من أن تصيبها العين، وللغراب أعور تعبيراً عن حدة بصره، وتطلق عبارة «بيضة البلد» على من انفرد بميزة ممدوحة حسنة، كما يجوز أن يراد بها عكس ذلك، حيث تطلق على من يراد أن يهزأ به ويسخر منه كما يقول السجستاني (٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>