.. من خلال ما سبق ذكره نتبين أن كثرة المشترك اللفظي لا تشين اللغة ولا تنهكها ليقال: إن إنكاره أو التقليل من شأنه يعد دفاعاً عن حياض اللغة أو حماية لها. كما أن كثرته لا تدل على ضعف اللغة أو ضيقها وقلة ألفاظها، بل تدل على اتساعها ومرونتها؛ لأن استعارة العرب لفظ الشيء لغيره كما يقول ابن رشيق:((إنما هي من اتساعهم في الكلام اقتداراً ودالة، ليس ضرورة. ألا ترى أن للشيء عندهم أسماء كثيرة وهم يستعيرون له مع ذلك؟ على أنا نجد أيضاً اللفظة الواحدة يعبر بها عن معان كثيرة، نحو (العين) التي تكون جارحة، وتكون الماء، وتكون الميزان، وتكون المطر الدائم الغزير، وتكون نفس الشيء وذاته، وتكون الدينار، وما أشبه ذلك كثير، وليس هذا من ضيق اللفظ عليهم، ولكنه من الرغبة في الاختصار، والثقة بفهم بعضهم عن بعض. ألا ترى أن كل واحد من هذه التي ذكرنا له اسم غير العين أو أسماء
كثيرة؟)) (١)
... علاوة على ما سبق ذكره فإن قدرة الكلمة على التعبير عن الفكر أو المعاني المتعددة وتأهيلها للقيام بعدد من الوظائف المختلفة في حد ذاتها ((دليل على حيوية اللغة ورواجها. فكيف ننادي لفائدة أحادية المعنى؟ علماً بأن أحادية المعنى لا يمكن أن تقوم إلا بتحجير اللغة والقضاء على حركتها، أي قتلها، وعلماً كذلك بأن المجاز والسياق يعرضان اللفظ للتوسع الدائم)) (٢) .