الساكنة في اللام وكذا الميم الساكنة في النون ولا بد في هذه النون الساكنة (أو الناشئة عن التنوين (١) والميم الساكنة حتى تتأثر بالأصوات التي تجاورها أو تؤثر هي فيها أن يكون التقاؤها بها مباشرا بحيث لا يفصل بينها أي فاصل كان ولو كان هذا الفاصل حركة قصيرة. ولا يتم هذا إلا حين يكون الصوت الأول غير متبوع بحركة (ساكنا) . ويتوقف تأثر النون الساكنة بما يجاورها من أصوات إضافة إلى ما سبق على نسبة قرب المخرج أو الصفة. وتعد النون بعد اللام أكثر الأصوات الصامتة شيوعا في اللغة العربية. وهي من الناحية الأخرى معدودة مع الميم من الأصوات المتوسطة (بين الشدة والرخاوة) . وتخرج بعض هذه الأصوات (النون والراء واللام) من طرف اللسان أو وسطه. وتعد من أكثر الأصوات العربية تأثرا بالنون الساكنة والتنوين وأوضحها من الأصوات الأخرى، وهذه الأصوات المتوسطة خمسة على القول الراجح مجموعة في قولهم " لن عمر ". وعلى هذا فإن أحوال النون الساكنة (أصلا أو الناشئة عن التنوين) حال التقائهما بما يجاورهما من أصوات في الكلمات أو الجمل يعرض لهما من الظواهر اللغوية في اللغة العربية ما لا يشركهما غيرهما من الأصوات الأخرى؛ وذلك لسرعة تأثرهما بما يجاورهما من أصوات الفم إما بفنائهما فيها وإما بقلبهما من جنسها وإما بتقريبهما من مخرجها وإكسابها شيئا من صفاتها كصويت الغنة مثلا. ويبدو أن هذا الإجراء الصوتي الذي يسلكه صوت النون في العربية قد حدث من فترات موغلة في القدم مما جعل القراء يرحمهم الله يعتنون به أشد عناية، ويعقدون له فصولا في كتبهم ومختصراتهم، ويضعون قواعد خاصة بالنون يفرقون بها بين النطق المروي عن فصحاء العرب للنون وبين ذلك النطق الذي شاع في لهجات الكلام بعد اتساع رقعة الدولة العربية. والوسيلة التي لجأ إليها القراء لإعطاء النون بعض حقها الصوتي مع غير أصوات الحلق هي صويت الغنة. فصويت الغنة المصاحب