ولقد تنبه علماء العربية القدامى إلى هذا التوافق، وسبقوا علماء اللغة المحدثين بالإشارة إلى ذلك، فابن إيّاز يذكر أنّ أجزاء الكلام الذي تتكون منه الجملة: اسم وفعل وحرف. ثم عقب قائلاً:((لا يختص انحصار الكلمة في الأنواع الثلاثة بلغة العرب؛ لأنّ الدليل العقلي الذي دلّ على الانحصار عقلي والأمور العقلية لا تختلف باختلاف اللغات)) (١) .
إنّ من يتعمق قول ابن إياز يدرك أن اللغات تتشابه في كثير من مكوناتها الأساسية، غير أن تلك المكونات يحكمها نظام خاص وطريقة معيّنة تنبع من جوهر تلك اللغة، حيث إنّ لها طريقة مميزة، وأسلوباً معيناً في تراكيبها وطرق أدائها. من هنا يتعين القول بأن توافق اللغات في كثير من الظواهر يؤكد قول النحاة التحويليين الذين يرون أن نحو اللغات يتشابه بصفة عامة (٢) .
فالمكونات والمظاهر العامة التي لا تخلو منها أي لغة من لغات البشر؛ لوجود الأسماء، والأفعال، والأدوات، والجموع والتثنية، والتذكير والتأنيث، والتعريف والتنكير، هي مكونات ومظاهر نحوية صرفية تركيبية، والتصغير أحد الظواهر اللغوية التي استرعت انتباهي حيث توافق وجوده في عدد من اللغات، يظهر في اللغة العربية، وفي اللغة الإنجليزية - وبالأخص القديمة - وفي اللغة الألمانية، كما أن اللغات الرومانية ((الفرنسية والإيطالية والأسبانية)) تستخدم التصغير (٣) .
التصغير معناه ودلالته:
التصغير في اللغة يدل على التقليل والنقصان، ففي اللغة العربية صغر الشيء (٤) يعني قلل حجمه، كما أن التصغير أيضاً في اللغات السامية كالعبرية والأكادية والسريانية (٥) يعني التحقير، والتقليل، وفي اللغة الإنجليزية تدل كلمة Minimize التي جاء منها مصطلح التصغير Diminutive على التقليل والتحقير (٦) . وكذلك الحال في اللغة الألمانية (٧) حيث إن التصغير يفيد تقليل الشيء.