ولما كان التصغير في الغالب يدل على التقليل، فقد لوحظ أن علماء العربية عند دراستهم لظواهره، لم يكن همهم وضع القواعد الخاصة به فقط؛ وإنما مبانيه ومعانيه، فوضوح المعنى وما تدل عليه الصيغ والتراكيب كانت الهدف الأول الذي انصب عليه اهتمام العلماء، لذا جاءت دراستهم لظواهر اللغة المختلفة، تركز على المعنى من خلال المبنى، فتنبهوا إلى أن التصغير تقليل، فبينوا صيغه وحصروها في أوزان ثلاثة: فُعَيْل، وفُعَيْعِل، وفُعَيْعِيل. هذا الحصر إنما اعتمد على الاستقراء؛ لأن الكثرة الكاثرة من العرب لا تتجاوز هذه الأوزان، ويرجع العلماء هذا الحصر إلى الخليل بن أحمد، الذي رأى بثاقب فكرة وقوة استنباطه، أن كلام العرب من حيث أبنيته، إما أن يكون ثنائياً، أو ثلاثياً، أو رباعياً، أو خماسياً، يقول:((كلام العرب مبني على أربعة أصناف على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي)) (١) . ومن ثم جعل التصغير ثلاثة وأخرج الثنائي؛ لأنه قليل في العرب، وكل ثنائي إنما هو في الأصل (٢) . ثلاثي، يقول سيبويه:((أعلم أن التصغير في الكلام على ثلاثة فُعَيل، وفُعَيعِل، وفُعَيعِيل)) (٣) .
التصغير معنى:
إن أهم ما سعى إليه علماء اللغة والنحاة على وجه الخصوص هو وضوح المعنى، فالاهتمام بالمعنى ودلالاته تمثل جزءاً لا يتجزأ من نحو اللغة وصرفها، فالمعنى وليست القاعدة تأتي دائماً في الصدارة والتصغير تغيير في صيغة الكلمة بزيادة حرف، هذه الزيادة قصد منها إفادة دلالة معينة، فياء التصغير في اللغة العربية حرف من حروف المعاني، وزيادتها في اللفظ المراد تصغيره هو نقله من حالة إلى حالة أخرى؛ ليدل دلالة معينة، يقول ابن جني:((فإذا كانت الألفاظ أدلة المعاني، ثم زيد فيها شيء أوجبت القسمة له زيادة المعنى)) (٤) .