ليست اللغة مجموعة من القواعد، بقدر ما هي ما اتفق عليه المجتمع اللغوي، فعمل على استعماله وتأصيله، ومن ثم استنبط واستخرج العلماء الضوابط التي تبين معالمه ولا غرو فقد حدد علماء العربية أبنية التصغير التي وردت في استعمال العرب، لتكون قاعدة مطردة فالتصغير في الكلام يأتي على ثلاثة أمثلة كما أشرنا ((فعيل وفعيعل وفعيعيل)) إلا أنهم لاحظوا أن هنالك ألفاظاً تفيد التصغير ولكنها جاءت خلاف القاعدة؛ يقول أبو حيان:((وجاء من التصغير ما هو خلاف قياس المكبر بقولهم في مغرب: مغيربان، وفي عشية: عشيشة، وفي رجل: رويجل (١) وذكر السيوطي ألفاظاً وردت عند العرب تفيد التصغير، مثل هداهد تصغير هدد، وحبرور تصغير حباري (٢) . إن ما ذكره العلماء خلاف القاعدة سواء كان في التصغير أم في غيره لا يعني أن قواعدهم غير محكمة، وأنها بنيت على استقراء ناقص؛ وإنّما تصور الدقة العلمية والنهج المحكم الذي سلكه العلماء عند استنباطهم القواعد وما أجمل قول أبي عمرو بن العلاء عندما سئل:((أخبرني عما وضعت مما سميت عربية، أيدخل فيه كلام العرب كله، فقال: لا فقلت: كيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وهم حجة، فقال: أحمل على الأكثر وأسمى ما خالفني لغات ... )) (٣) .