للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً من حيث المناسبة: ليس في قصائد حسان الجاهلية ذوات المقدمات سوى قصيدة واحدة اتخذت شكل النقيضة، قالها يوم خَطْمة (٦٣) ، في الرد على قصيدة للشاعر الأوسي أبي قيس بن الأسلت (٦٤) التي مطلعها (٦٥) :

قَالتْ ولمْ تَقْصُدْ لِقِيل الخَنَا

مَهْلاً فَقَدْ أَبلغْتَ أسْماعِي

ومطلع قصيدة حسان النقيضة (٦٦) :

بَانَتْ لمَيسُ بحبْلٍ منْكَ أَقْطَاعِ

واحْتلَّت الغَمْر تَرْعَى دَارَ أشْراعِ

... وقصيدة ابن الأسلت ليست ذات مقدمة. ولكن قصيدة حسان لها مقدمة تقع في ثلاثة أبيات، يتبعها بيت التخلص.

... ولئن كان في هذا بيان فإنه يبدو أن حالة حسان النفسية عند إنشاء القصيدة هي التي كانت تحدد منهجه في بناء القصيدة.

... وجميع قصائده ذوات المقدمات لم ينظمها حسان فيما يبدو على عجل، ولم تكن تجربته فيها وليدة موقف طارئ، أو انفعال مفاجئ، وإنما قالها بنفس هادئة، بعد أن ترك للتجربة أن تنضج في نفسه ببطء، بعيداً عن التوتر الذي ينتج عن إلحاح المناسبة، وعن ثورة الانفعال في النفس. ولعل مما يؤكد ذلك أن جميع هذه القصائد لم يذكر في ديباجتها سوى عبارة ((وقال)) (٦٧) أو ((وقال حسان)) (٦٨) أو ((وقال حسان يفتخر)) (٦٩) أو ((وقال يمدح جبلة ابن الأيهم)) (٧٠) ، وهي عبارات لا تدل في العادة على ارتباط القصيدة بموقف مفاجئ أو طارئ، عدا القصيدة التي رد فيها على أبي قيس بن الأسلت، فقد جاء في ديباجتها خبر يوم خَطْمة، ووردت فيها عبارة ((فأجابه حسان بن ثابت)) (٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>