للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودون سلطة سياسية تمسك القوة في المجتمع لا تقوم الدولة، ذلك أن القوة هي الوسيلة الملزمة للأفراد الحاملة لهم على الامتثال للنظام التشريعي في المجتمع فحاجة السلطة السياسية للقوة تنشأ من كون عمل السلطة في حقيقته يقوم على الإكراه على امتثال القانون، وإجبار الفرد على عمل مالا يرغب وتقييد حريته، لذلك، لا يكون للسلطة معنى إلا إذا اقترنت بقوة مسيطرة (١) .

ثانياً: انفرادها بحيازة القوة القاهرة:

لا يكفي للسلطة السياسية أن تحوز القوة المسيطرة، فلابد من أن تنفرد بحيازة هذه القوة، بحيث لا يكون في المجتمع قوة تدانيها، فإن وجود جهة في المجتمع تحوز قوة تنافس قوة السلطة السياسية من شأنه أن يهدد السلطة السياسية نفسها، ذلك، أن أية جهة لاسيما التنظيمات إذا حازت السلاح تتجرأ على مخالفة النظام وعصيان السلطة والخروج عن طاعتها، بل والخروج عليها للإطاحة بها.

وفي الإسلام لا تأبى قواعد الشريعة أن يكون من صلاحيات السلطة السياسية في المجتمع تجريد المواطنين من أي نوع من أنواع الأسلحة التي قد تستخدم في تهديد الأمن، أو في معارضة السلطة السياسية، بل ولا أجد ما يمنع شرعاً السلطة السياسية في الدولة الإسلامية من سن القوانين التي تحضر اقتناء أسلحة معينة بالاسم أو النوع أو الصفة، وحضر الاتجار بها، وقد وجدنا فقهاءنا تعرضوا لحكم بيع الأسلحة في أوقات الفتنة وذهبوا في ذلك إلى التحريم، لما في ذلك من الإعانة على المعصية (٢) فإن امتلاك الأسلحة من قِبَل أية جهة في المجتمع قد يغريها باقتراف العصيان أو سلوك مسالك الفتنة وتهديد الأمن والاستقرار في الدولة.


(١) عبد الهادي، ماهر، السلطة السياسية في نظرية الدولة، ص ٦٢، مرجع سابق.
(٢) ابن قاسم، عبد الرحمن بن محمد، حاشية الروض المربع، شرح زاد المستنقع، ط١، ١٣٩٨ م، ج٤، ص ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>