للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وإن أظهر ما يميز السلطة السياسية عن أي تنظيم سياسي أو اجتماعي في الدولة امتلاك السلطة القوة المسيطرة، وحقها في حظر حيازة أي سلاح من قِبَل أي تنظيم سياسي أو اجتماعي في الدولة، وحقها في استخدام أي إجراء مشروع وقائي أو علاجي يكفل خلو الدولة من قوة منافسة لقوة السلطة السياسية.

وقد لاحظ الفقهاء المسلمون أهمية القوة المادية بالنسبة للسلطة السياسية في الدولة الإسلامية، فحرصوا على توافرها لها منذ لحظة انعقاد البيعة، وذلك إذا لم تتوافر قاهرة مسيطرة، من جيش وشرطة يكونان رهن أمر الإمام، فاشترطوا في المبايعين حتى تنعقد الإمامة بمبايعتهم أن يكونوا من أهل الشوكة، ويقصدون بالشوكة، أي القوة، فمن نصوصهم في ذلك:

١ - قال ابن تيمية: ((الإمامة تثبت عندهم - أهل السنة - بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافق أهل الشوكة، الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير مُلْكاً بموافقة واحد واثنين ولا أربعة، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم، بحيث يصير ملكاً بذلك، ... ولو قُدِّر أن عمر وطائفة معه بايعوا أبا بكر وامتنع سائر الصحابة عن البيعة لم يصر إماماً بذلك، وإنما صار إماماً بمبايعة جمهور الصحابة الذين هم أهل القدرة والشوكة، ولهذا لم يضر تخلف سعد بن عبادة؛ لأن ذلك لا يقدح في مقصود الولاية، فإن المقصود حصول القدرة والسلطان اللذين بهما تحصل مصالح الأمة، وذلك قد حصل بموافقة الجمهور على ذلك، فمن قال: يصير إماماً بموافقة واحد واثنين وأربعة، وليسوا هم أهل القدرة والشوكة فقد غلط، كما أن من ظن أن تخلف الواحد والاثنين والعشرة يضر فقد غلط)) (١) .


(١) ابن تيمية، تقي الدين، منهاج السنة النبوية، دار الكتب العلمية، بيروت، وبهامشه صريح المعقول، ج١، ص ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>