للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابن تيمية في هذا النص يقرر أهمية اتصاف المبايعين بالشوكة، أي القوة، كي تنعقد البيعة بمبايعتهم، إذ دون ذلك لا يذعن الناس للنظام، ولا تستقر الأوضاع السياسية في الدولة، ولا تخضع الأقلية لرأي الأغلبية. وعلى هذا المعنى جاء قول الشهرستاني:

((ولو عقد واحد ولم يسمع من الباقين نكير كفى ذلك)) (١) ، وقول النووي: ((تنعقد الإمامة ببيعة واحد انحصر الحل والعقد فيه)) (٢) ، لأنه يكون حينئذ صاحب الشوكة في الدولة، وكذا لو كان أهل الحل والعقد عدداً قليلاً، ولكنهم أهل شوكة، وقد علل الرملي ذلك، فقال: ((لأن الأمر ينتظم بهم ويتبعهم سائر الناس)) (٣) .

٢ - وقال الغزالي: ((والذي نختاره أنه يكتفى بشخص واحد يعقد البيعة للإمام، مهما كان ذلك الواحد مطاعاً ذا شوكة لا تطال، ومهما إذا مال إلى جانب مال بسببه الجماهير، ولم يخالفه إلا من لا يُكترَث بمخالفته، فالشخص الواحد المتبوع المطاع، بهذه الصفة يكفي، إذ في موافقته موافقة الجماهير، فإن لم يحصل هذا الغرض إلا لشخص واحد أو ثلاثة فلابد من اتفاقهم، وليس المقصود أعيان المبايعين، إنما الغرض قيام شوكة الإمام بالأتباع والأشياع، وذلك يحصل بكل مستول مطاع، ونحن نقول: لما بايع عمر أبا بكر لم تنعقد البيعة له بمجرد بيعته، ولكن بتتابع الأيدي إلى البيعة، بسبب مبادرته، ولو لم يبايعوه لما انعقدت الإمامة، فإن شرط ابتداء الانعقاد قيام الشوكة وإنصراف القلوب إلى المشايعة ومطابقة البواطن على المبايعة)) (٤) .


(١) الشهرستاني، نهاية الأقدام، ص ٤١٦، مصدر سابق.
(٢) الرملي، محمد بن أحمد، نهاية المحتاج في شرح ألفاظ المنهاج، دار الفكر، الطبعة الأخيرة، ١٩٨٤م، ج٧، ص ١٨٠.
(٣) المصدر السابق.
(٤) الغزالي، محمد بن محمد، فضائح الباطنية، تحقيق عبد الرحمن بدوي، دار الكتب الثقافية، الكويت، د ت، ص ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>