للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقال الجويني: ((إن بايع رجل واحد، مرموق، كثير الأتباع والأشياع، مطاع في قومه، وكانت منعته تقيد استتباب الأمن واستقرار السلطة، انعقدت بيعة. وقد يبايع رجال لا تفيد مبايعتهم شوكة ومنة قهرية، فلست أرى للإمامة استقراراً)) (١) .

والشوكة فيما مضى كانت تحصل بالقوة الناشئة من الكثرة العددية، من قبل أشياع وأتباع المبايعين، وذلك لعدم وجود قوة عسكرية ضاربة تقدم الولاء للسلطان على الولاء للقبيلة، وإنما كانت الجيوش من أبناء القبائل الذين يغلب عليهم الولاء للقبيلة على الولاء للسلطان، ولذلك كان شرط البيعة اتصاف من يعقد البيعة من أهل الحل والعقد للإمام بالشوكة، ولعل شوكة قريش آنذاك كانت علة اشتراط القرشية في الإمام وهو ما قرره ابن خلدون (٢) ، فإن قريشاً كانت تمثل بكثرتها قوة ضاربة يحصل بها الاستقرار للإمام إذا كان من قريش، وتُخشى معارضتها إذا جُعلت الإمامة في غيرها، فإن الناس كانوا ينقادون لها، ولكنها قد لا تنقاد لغيرها، وبإنتهاء شوكتها انتهت القرشية شرطاً من شروط استحقاق الإمامة - والله أعلم -.

وإن عبارات العلماء السابقين لتدل على أهمية تفرد السلطة السياسية في المجتمع بالقوة القاهرة، إذ دون قوة قاهرة لا يحترم في المجتمع نظام، وتنزع من قلوب المتمردين والمجرمين المهابة من السلطة الحاكمة.

وتنبه هنا إلى أن الإسلام يجعل أهمية كبرى لرضا الأمة قاطبة أو رضا الأغلبية منهم بأفراد السلطة السياسية، وذلك لتكون الأمة ذاتها قوة في يد أشخاص السلطة السياسية يستعين بهم لبسط سلطان وممارسة اختصاصاته.

ثالثاً: عامة عليا:


(١) الجويني، غياث الأمم، ص ٧٥، مصدر سابق.
(٢) ابن خلدون، المقدمة، ص ٢٤٣، مصدر سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>