.. هذه بعض ملامح الجدة التي رصدها البحث في مقدمات حسان. ولعل محمد بن سلام الجمحي قد نظر إليها، وإلى ما تخلى عنه حسان وسواه من شعراء الحواضر العربية؛ عندما أطلق عليهم لقب (شعراء القرى العربية) ، ليميزهم من شعراء البوادي الذين التزموا تلك المقومات، وتقيدوا بها، ولم يخرجوا عنها.
... وفي ضوء ذلك يظهر عدم وجاهة النقد الذي وجهه الدكتور حسين عطوان لابن سلام، حين قال منكراً عليه صنيعه هذا:((ولسنا ندري لماذا أفرد ابن سلام بابا خاصاً بشعراء القرى العربية: مكة، والمدينة، والطائف، والبحرين، واليمامة، مع أنه لم يستخرج من أشعارهم خصائص فنية معينة تميزهم من شعراء البوادي، ولا نصّ على الدافع الذي حمله على ذلك سوى ملاحظته أنّ الشعر يكثر في البوادي، ويقل في الحواضر)) (١٥٠) .
... فالنظرة العميقة المتأنية إلى مقدمات حسان الجاهلية تكشف دون شك عن خصائص غير التفاوت في كثرة الشعر وقلته، ميزت شعر حسان من شعر سواه من شعراء البوادي، وتبين أن في مقدماته الجاهلية ملامح جديرة بالالتفات إليها، والوقوف عندها.
الحواشي والتعليقات
(١) انظر: الروض الأنف في تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوية، السهيلي ٢/٢٨٠ وقد شكك السهيلي رحمه الله في البيت السابع وهو:
... ... على أنيابها أو طعم عض ... من التفاح هصّره اجتناء ...
... وبنى شكه على أساس فني حيث قال:((والبيت موضوع لأنه لا يشبه شعر حسان ولا لفظه)) . وقد آثرت أن أستبعد من البحث كل ما تطرق إليه الشك.
(٢) انظر: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تح محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت ١/١٨٨ ١٨٩.
(٣) المصدر السابق ١/٢٣١.
(٤) هي عمرة بنت خالد بن عطية بن حبيب بن عمرو بن عوف الأوسية. انظر: ديوان حسان تح حنفي ص:١٩١.