كما يُعدّ أعلامه أساتذة لهذا الفن، ورواداً له، فأصبح ما أبدعوه مَثَلاً يُحتذى، وهدفاً يُرتجى لكل من أراد لنفسه الإبداع والتفوّق، ولنثره البقاء والخلود.
ويُعدّ عمرو بن مسعدة الصولي علماً من أعلام العصر العباسي، وبلغائه، وأستاذاً من أساتذة الكتابة الفنيّة، وأحد روّادها الأجلاء، الذين كان لهم قَصَب السبق إلى ترسّم أصولها، وقواعدها الفنيّة؛ مما جعل نثره، وما سطّره يراعه من النصوص العربية البليغة، والأساليب الفصيحة موضع تقدير، وعناية، واهتمام من لدن علماء البلاغة، وأساتذة النقد الأوائل، وقد دفعهم ذلك إلى الاستشهاد ببعض نصوصه؛ رغبة في ضرب المثل للناشئة والمتعلمين، ومن كان فوقهم بنماذج من أروع وأبلغ النصوص الأدبية النثرية.
من أجل هذه المكانة لعمرو بن مسعدة لقي شيئًا من العناية من بعض الدارسين والنقاد في عصرنا الحاضر، فقلّما نجد دراسة تناولت النثر العربي بعامة، أو النثر العباسي بخاصّة، خَلَتْ من ذِكرٍ له ولو يسير، وإشارة إلى نثره ولو عابرة.