إنّ موقف الطّلل بكلّ ما فيه من ميزات أصبح يشكّل - فيما بعد - أحدَ أهمّ أركان عمود الشعر العربي الذي أُسِّس له في العصر الجاهلي، وحاكاه الشعراءُ العرب في العصور التّالية ٠ أعني أنّ موقف الطّلل في الشعر الجاهلي - بمناخه التراجيدي، وشكله المميّز الذي ذكرنا جوانب من ملامحه آنفاً - أصبح يشكّل ضمن عمود الشعر جانباً أساسيّاً من " المَثَل الجمالي " الذي اتّخذ منه الشعراء الآخرون في العصور التّالية هدفاً يسعون لمحاكاته من خلال افتتاح القصيدة به ٠ وكذلك الالتزام ببعض قوانينه، ومفرداته، وصوره، وتراكيبه٠ والأهمّ من ذلك كلّه التزام هؤلاء الشعراء بالمناخ البكائي للتراجيدي الذي بُني عليه موقفُ الطّلل في الشعر الجاهلي ٠ وما وقوفُهم على الأطلال سوى نوع من أنواع المحاكاة لمَثَل جمالي أسّسَه، ورسم ملامحه الشاعرُ الجاهلي ٠