فهو يعلي من شأن الحب ويؤكد على قيمته، لأنه ذات فضيلة تطهر النفوس كما أنه وسيلة تجعل الإنسان يخوض غمار الحياة بكل ما فيها من مرارة وعذاب وهذا ما يسعى إليه الرومانسيون في التأكيد على حب الإنسان للإنسان فكانت ثورتهم على مجتمعاتهم لخلق مجتمع مثالي ينشدونه في فردوسهم المفقود يقوم على دعائم من أهمها الحب الصافي فهو غاية كل البشر، ولهذا اتخذ التكرار الشكل الرأسي الذي يحرص فيه على خلق صورة شعرية جديدة لكل صورة تكرار. ولكنه قد يخضع للتداعي ويستسلم لصورة من التكرار للأسماء لا داعي لها يمكن أن يستعاض عنها وعندئذ يستقيم الإيقاع الشعري يقول:
الكون كون شقاء
الكون كون التباس
الكون كون اختلاف
وضجة واختلاس
سيان عندي فيه السرور
والابتئاس (١)
فتكراره لكلمة الكون في صدر البيت وعجزه حاول أن يخلق منه ما سماه البلاغيون برد العجز على الصدر للتأكيد على أهمية الكون وتناقضاته، كي يحاول خلق إيحاءات وإيقاعات موسيقية جديدة ففرّع وقسّم في أنواع الكون لأنه يبحث عن كون آخر أكثر طهر وعفة، فكونه شفي ومختلف عن كون الآخرين مما جعل بعض الدارسين يصفون هذا التكرار بأنه ساذج فلو قال:
الكون كون شقاء والتباس
واختلاق واختلاس
لم تتغير الدلالة، بل لأراحنا من هذا الملل والرتابة اللذين نجدهما عند سماعنا لهذا المقطع (٢) . كما وظف الشابي بعض صور تكرار أسماء المعاني للكشف عن لحظة الغربة والاغتراب التي يعيشها فهي ملازمة له ثابتة بل إنها غربة تختلف عن غربة غيره من البشر ويؤكد على ذلك من خلال صورة التكرار الرأسية التي جاءت لتعمق إحساس الشاعر بهذه الغربة والحيرة، حتى أن مسميات بعض القصائد قد أطلق عليها أسماء توحي بهذا الإحساس مثل "الأشواق التائة" و"إلى قلبي التائه" يقول في قصيدته (الكآبة المجهولة) :