فكرر كلمة كآبتي وبعض مشتقاتها في القصيدة (كئب – يكتئب – اكتئابي) وقد كرر هذه الصفة بشكل يعكس إلحاح الشاعر للتأكيد على تفرده وتميزه حتى في عالم لحزن، لأن كآبته ثابتة لا تتغير بينما كآبة الناس عابرة متغيرة: كآبة الناس شعلة ومتى مرّت ليال خبت مع الأمد)
أما اكتئابي فلوعة سكنت روحي وتبقى بها إلى الأبد ولذلك فهو يسعى من خلال هذا التكرار أن يقدم وصفاً دقيقاً لواقعه الحزين الذي يعيشه ويسعى فيه إلى التغيير أو التخلص من عذاباته وهمومه، كي يسمعها الناس يتعاطفوا معه ويشفقوا عليه، ولكنه لم يجد من يسمعها، فهو غريب عن كل شيء، غريب في مشاعره وإحساسه حتى جعل هذه الكآبة غريبة غربة صاحبها. وكأن الشاعر بذلك يستغيث بالسامعين ليأخذوا بيده نحو بناء مجتمع أفضل، ويندب حظه الذي عاش الكآبة منذ ولادته، ففقد الأمل بإنسان عصره ولكنه يعود فيجعل من كآبته طاقة متفجرة فهي كالسكون الذي يسبق العاصفة، فيحاول إعطاء الكآبة صورة جديدة يطرح من خلالها موقفه من الحزن الذي غطى معظم حياته فيقول:
تحت رماد الكون تستعر
كآبتي شعلة مؤججة
ويطلع الفجر يوم تنفجر (١)
سيعلم الكون ما حقيقتها
فهو وإن عمق من تكراره الرأسي لكلمة "كآبة" إلا أنه كان يمكن أن يكتفي بما قاله في بداية القصيدة للتأكيد على تفرده وتميزه في كل شيء، فهي إضافات كمية أثقل بها المعنى الشعري وأثقل بها بناء القصيدة.
أما تكرار "الفعل" فقد كان له حضور فاعل عند الشاعر، لتزاحم الأحداث التي مرت في حياته، وكثرة المصائب والهموم التي واجهته منذ الولادة حتى الموت، فكان الفعل أكثر قدرة على التعبير عن هذه التحولات الزمانية بأشكالها المختلفة لنقل تجربته الخاصة به لتثير إحساساً لدى المتلقي وتكسب الشاعر جمهوراً متعاطفاً "فالشاعر بشر يتحدث إلى بشر ويعمل جاهداً ليعثر على أجود الألفاظ في أجود نسق لكي يجعل تجربته تعيش مرة أخرى لدى الآخرين"(٢) .