كان البرلمان الفرنسي في عهد الملكية طبقي التكوين أي مكوَّناً من ممثلي ثلاث طبقات هي طبقة رجال الدين بالدرجة الأولى وطبقة النبلاء الارستقراطية الاقطاعية بالدرجة الثانية وطبقة العامة أو الطبقة الثالثة التي هي الشعب ومن ينتمي إليه من الفئات البرجوازية من التجار والصناعيين وأصحاب المهن الحرة، وهي فئات كانت تتطلع إلى إعلان الحريات وممارستها في إطار ديمقراطي يضمن بقاءها (١) . والطبقة الثالثة كانت هي الطبقة المسحوقة وصاحبة المصلحة في الثورة. قال عنها سييس: ما هي الطبقة الثالثة؟ وأجاب: كل شيء؛ وتساءل: ما وضعها في النظام السياسي حتى الآن؟ وأجاب: لا شيء؛ وتساءل أيضاً: ماذا تطلب؟ وأجاب: أن تصبح شيئاً؟ وأضاف: الطبقة الثالثة هي أمة كاملة (٢) . وقد أجريت انتخابات آخر برلمان في عهد ما قبل الثورة، بأمر من الملك لويس السادس عشر، في إبريل (نيسان) ١٧٨٩. (وفي اجتماع ٦ مايو ١٧٨٩ قرر نواب “ الطبقة الثالثة ” أن يكون اسمهم الجديد “ جمعية العموم ” أو “ مجلس العموم ” Commune أسوة بمجلس العموم البريطاني، بدلاً من “ الطبقة الثالثة ”. ولكنهم عادوا في اجتماع ١٧ يونيو ١٧٨٩ ورفضوا مبدأ الفصل بين طبقات المجتمع وأعلنوا أن اسم البرلمان الجديد ليس “ مجلس الطبقات ” Etats Generaux ولكن “ الجمعية الوطنية ” Assemblee Nationale) (٣) . ومن المناسب أن نلحظ أن عدد نواب الطبقة الثالثة كان في يوم افتتاح البرلمان، ٤ مايو (مايس) ١٧٨٩، خمسمائة وخمسين بينهم أكثر من ثلثمائة من رجال القانون من المحامين والقضاة (وكأنهم يمثلون تمثيلاً صادقاً مجيء حكم القانون)(٤) . وفي ٦ تموز عيّنت الجمعية الوطنية لجنة من أعضائها لوضع دستور للبلاد (٥) . أي أنها بعد أن ولدت بإرادتها الذاتية أخذت تفرض نفسها ومنطقها الجديد على النظام القائم. (وهكذا بدت الملكية منذ ذلك الحين مقيَّدة فعلياً بوجود “ الجمعية