للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت كل مسألة من هذه المسائل نموذجاً لطلبة العلم في طريقة فهمهم واستنباطهم، حتى يتضح وجه الحقّ جليّاً، دون اتباع للهوى أو التقليد.

تمهيد:

الحجج: جمع حجّة وهي الدليل والبرهان، وقيل ما دفع به الخصم.

وقال الأزهري: الحجّة: الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، وإنّما سميت حجّة لأنها تحجّ، أي تُقصد. لأن القصد لها وإليها.

قال الأزهري: ومن أمثال العرب لجّ فحجّ معناه: لجّ فغلب من لاجّه بحججه. يقال: حاججته حتى حججته أي غلبته بالحجج التي أدليت بها (١) .

وقال الراغب الأصفهاني: الحجّة: الدلالة المبيّنة للمحَجّة أي المقصد المستقيم (٢) .

قال الله تعالى: {قل فلله الحجة البالغة ( [الأنعام: ١٤٩] .

وقال تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجة ( [البقرة: ١٥٠] .

ويجوز أن تطلق الحجة على ما يحتج به الخصم وإن كان باطلاً كما في قوله تعالى: {والذين يحاجّون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم ( [الشورى: ١٦] . فسمّى الداحضة حجة.

وقال سبحانه وتعالى: {لا حجّة بيننا وبينكم ( [الشورى: ١٥] . أي لا احتجاج لظهور البرهان.

والمحاجّة: أن يطلب كل واحد أن يردّ الآخر عن حجته ومحجته.

قال الله عزّ وجل: {وحاجّه قومه قال أتحاجونّي في الله وقد هدان ( [الأنعام: ٨٠] .

وقال سبحانه وتعالى: {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجّون فيما ليس لكم به علم ( [آل عمران: ٦٦] .

وقد أكّد القرآن والسنة مشروعية المجادلة وإقامة الحجة، ومن ذلك قوله تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( [البقرة: ١١١] .

وقد قال الله تعالى في قصة نوح عليه السلام: {قالوا: يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ( [هود: ٣٣] .

وقد ذكر الله تعالى تلك المحاجّة العظيمة بين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبين ذلك الكافر الذي آتاه الله الملك فقال سبحانه:) ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك ( [البقرة: ٢٥٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>