للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحاجّ آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام فحجّ آدمُ موسى كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" احتجّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيّبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطّ لك بيده، أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة، فحجّ آدم موسى" (٣) .

وقد قال المزني (٤) : من حقّ المناظرة أن يراد بها الله عزّ وجلّ، وأن يقبل منها ما تبيّن.

وقالوا: لا تصحّ المناظرة ويظهر الحق بين المتناظرين حتى يكونوا متقاربين أو مستويين في مرتبة واحدة من الدين والعقل والفهم والإنصاف، وإلا فهو مراء ومكابرة (٥) .

ونلاحظ فيما سنذكره من المسائل أنّ الهدف من ذلك الوصول إلى الحق بطريق الحجة الشرعية، باعتماد الأصول المتفق عليها سواء كانت من جهة الشرع أم النقل.

وقد ضرب علماء الإسلام أروع الأمثلة في المنهجية العلمية واتباع الحق بالدليل والبرهان حتى ذكر العلماء أنه يجب على المسلم أن يكون اعتقاده عن دليل وبرهان، وإن كان لا يلزم أن يكون دليله كما هو الحال عند أهل المنطق وأصحاب علم الكلام (٦) .

وقد سار الإمام فخر الدين الرازي على هذا المنهج في تفسيره فنجده يقرر مذهب الخصم تقريراً لو أراد الخصم نفسه أن يقرره لما استطاع ذلك (٧) .

ثم يشرع الرازي في الردّ على هذه الأدلة بالحجة الدامغة القوية وقد عاب عليه بعض المغاربة هذا السلوك بدعوى أنّ ردوده تأتي أحياناً أضعف من الشبه التي يوردها، فقالوا: إنه يورد الشبه نقداً ويحلّها نسيئة (٨) .

ويظهر لكل عاقل منصف أثر الاعتماد على الحجة والبرهان في إحقاق الحقّ، فيتم إثراء العقل والقلب بتلك الحجج النيّرة، كما يتم إحياء روح البحث العلمي بالمدارسة والمذاكرة وتلاقح الأفكار والمفاهيم.

وبالتالي فإن هذه التّهم تصبّ أخيراً في مصلحة هذا المفسّر النحرير.

أولاً: حكم القتال في الحرم

<<  <  ج: ص:  >  >>