وقد ذكر ابن حزم في الفصل ٣/٢٥١-٢٥٣ أيضاً ثلاثة أدلة أخرى لهذا المانع. أولها: قبول النبي e إسلام كل من أسلم مع أنه جاهل بأكثر مسائل أصول الدين. والثاني: قول الحواريين] يا عيسى هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء [إلى قوله:] ونعلم أن قد صدقتنا [قال: "ولم يبطل بذلك إيمانهم ". والثالث: أن من قرأ القرآن فأخطأ جهلاً لا يكفر، وينظر تأويلمختلف الحديث ٨١، وإيثار الحق ص٣٩٤، وينظر أيضاً رسالة منهج ابن تيمية في التكفير ١/٢٤٣-٢٤٩، فقد نقل مؤلفها عن شيخ الإسلام في هذا تسعة أدلة قوية.
( [٥٤] ) فمن حصلت له شبهة من جهة عدم الفهم فهو مخطئ معذور، وهذا هو الأصل الذي يعتمد عليه في حكم الظاهر، والحكم على المكلف إنما هو على ظاهره بإجماع أهل العلم، والله يتولى السرائر، ومن القواعد المقررة أن المؤاخذة والتأثيم لا تكون على مجرد المخالفة، ما لم يتحقق القصد إليها، والمتأول في حقيقته مخطئ غير متعمد للمخالفة في الظاهر، بل هو يدّعي أنه على الحق، ويصرح بأنه يعتقد ذلك، فيعذر من أجله، فلا يحكم بكفره. ينظر الفصل ٣/٢٨٥، مجموع الفتاوى ٧/٤٧٢، إيثار الحق ص٣٧٦-٤٠٦، فتح الباري: استتابة المرتدين ١٢/٢٧٣، ضوابط التكفير ص٣٣٤،٣٣٣، وينظر ما سبق في كفر الإعراض ص () ، ولهذا لم يكفر عمر رضي الله عنه الذي شرب الخمر معتقداً حلها له؛ لأن لديه شبهة تأويل، مع أنها شبهة ضعيفة واجتهاد أخطأ فيه. والأثر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٧٠٧٦) ، ومن طريقه البيهقي في سننه ٨/٣١٦،٣١٥ بإسناد صحيح، رجاله رجال الصحيحين، وله شواهد عند عبد الرزاق وغيره. ينظر: المصنف (١٧٠٧٥) ، والإصابة ٣/٢٢٠. وينظر تلخيص الاستغاثة في الرد على البكري ص٢٥٩.