قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ٣/٢٩٩:"هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني: أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير، وتفسيق، ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقاً أخرى، وعاصياً أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية والقولية والمسائل العملية".
( [٥٥] ) ولهذا لم يكفر الإمام أحمد الذين امتحنوه وضربوه ليقول بخلق القرآن، مع أن منهم قضاة وعلماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ٧/٥٠٨،٥٠٧:"المحفوظ عن أحمد وغيره من الأئمة إنما هو تكفير الجهمية والمشبهة وأمثال هؤلاء، مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولا كل من قال: إنه جهمي كفّره، ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم، بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم، وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة، لم يكفرهم أحمد وأمثاله، بل كان يعتقد إيمانهم، وإمامتهم، ويدعو لهم، ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم، والحج والغزو معهم، والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة". انتهى كلامه ملخصاً.
وهذا الحكم لا يشمل غلاة الجهمية المتهمين بالنفاق والزندقة. قال الحافظ ابن القيم كما في الدرر السنية ١٠/٣٧٤:"وأما غلاة الجهمية فكغلاة الرافضة، ليس للطائفتين في الإسلام نصيب، ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة، وقالوا: هم مباينون للملة". وينظر منهج ابن تيمية في التكفير ١/١٩٩،١٩٨.
( [٥٦] ) ينظر ما سبق ص (٢٠٨) من قول الإمام أبي حنيفة بكفر من أنكر علو الله تعالى.