وهذا البحث سيكون إن شاء الله دراسة نقدية في بيان بطلان اعتقاد النصارى ألوهية الروح القدس وأنه الرب المحيي، وقد كان اختياري للكتابة في هذا الموضوع لسببين:
الأول: أن موضوع هذا البحث هو الأول حسب علمي الذي يجمع شتات هذا الموضوع المتفرق في بعض مؤلفات علماء المسلمين المختصين في علم جدال أهل الكتاب، من أمثال: الإمام ابن تيمية، والقرافي، والقرطبي، ونصر بن يحيى المتطبب، وغيرهم من علماء المسلمين، فكان هذا البحث إسهاماً متواضعاً في بيان الحق عن حقيقة الروح القدس، كما تشهد بذلك المصادر الدينية من التوراة والإنجيل والقرآن.
الثاني: كثرة مؤلفات النصارى عن الروح القدس إذ لا يخلو مؤلف من مؤلفاتهم في عقيدة التثليث من إثبات اعتقادهم ألوهيته، وأنه الأقنوم الثالث في ثالوثهم المقدس وتأويلهم لنصوص التوراة والإنجيل لإثبات معتقدهم الباطل.
بل وصل بهم الحد إلى محاولة تأويل نصوص القرآن الكريم لتتفق مع عقيدتهم الباطلة (١) .
وكان منهج البحث يقوم على استقراء الأدلة من المصادر الدينية وتحليلها، وبيان الحق فيها بما يتفق مع صريح المعقول وصحيح المنقول، وبيان ضلالهم عن الحق، وأن هذا مما ابتدعوه بأهوائهم، وقرروه بمجامعهم، مخالفين بذلك كتب الله المنزلة على أنبيائه، وبيان أن معتمدهم من القوانين والنواميس التي جعلوها شرائع دينهم بعضه منقول عن الأنبياء، وبعضه عن الحواريين، وكثير منه من ابتداع أحبارهم ورهبانهم الذين اتخذوهم أرباباً من دون الله.
وسيكون الحديث عن بيان حقيقة الروح القدس في التوراة والإنجيل والقرآن، وبيان مراحل إقرار النصارى ألوهيته، ثم اعتقادهم ألوهيته، وبيان العلاقة بين الروح القدس والمسيح عليه السلام وبينه وبين ملاك الله جبريل عليه السلام.