الخامس: المسيح بن مريم، قال تعالى:((إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)) (٦٦) ، وقال تعالى:((والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين)) (٦٧) ، وقال تعالى:((ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)) (٦٨) .
ووجه اختصاص إضافة روح عيسى عليه السلام إلى الله تعالى، أنه لما كان الله تعالى خلقه بكلمته، أي خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبريل عليه السلام إلى مريم فنفخ فيها من روحه بإذن ربه عز وجل فكان عيسى بإذنه عز وجل، وكانت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها، فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب والأم، والجميع مخلوق الله عز وجل، ولهذا قيل لعيسى: إنه كلمة الله وروح منه، لأنه لم يكن له أب تولد منه، وإنما هو ناشئ عن الكلمة التي قال له بها كن فكان، والروح التي أرسل بها جبريل عليه السلام قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة:((وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)) ، هو كقوله:((كن فيكون)) (٦٩) .
قال ابن أبي حاتم:((وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)) قال: ليس الكلمة صارت عيسى، ولكن بالكلمة صار عيسى)) (٧٠) . إنها الكلمة التي جاء بها جبريل إلى مريم، فنفخ فيها بإذن الله فكان عيسى عليه السلام قال البخاري بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لاشريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ماكان من العمل)) (٧١) ، فقوله في الآية والحديث ((وروح منه)) كقوله تعالى: ((وسخر لكم ما في السموت وما في الأرض جميعاً منه)) (٧٢) ،