ثالثاً: ويُطلق لفظ الشريعة على التوحيد والأحكام، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون}[الجاثية ١٨] .
والإسلامُ شامل لذلك كله، فيدخل فيه قبول الدين كله.
ومنه: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد لله بالطاعة، والخلوص من الشرك.
وهذه المعاني الشرعية تتناسب تناسباً ظاهراً مع المعاني اللغوية، فقد وردَ في النصوص السابقة في لغة العرب: أنّ معنى (فلانٌ مسلم) : أي: مخلص، والاستسلام: الانقياد، والتسليم: الرّضا بالحكم، والإسلام: إظهار الخضوع والالتزام بالشريعة، والشريعة تشمل التوحيد وسائر الأحكام.
٢- (يعلو ولا يُعلَى) : العلوّ ضدّ السفل، والعُلوّ: الارتفاع، والمَعْلاةُ: كسب الشرف، والجمع:(المعالي) ، والعَلْياءُ: كلّ مكان مُشْرِفٍ، ويقال: عَلِيَ في المكارم يَعْلَى عَلاءً، وعلا في المكان يَعلو عُلوّاً (٥) .
وعلا الشيء عُلوّاً فهو عَليّ، وتَعلَّى.
والأعلى: هو الله سبحانه، وهي صفته، والعَلياء:(السماء) اسم لها. والعلو: ارتفاع أصل البناء. و {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي عِلّيِّين} أي: في أعلى الأمكنة.
وعليّ: اسم، فإما أن يكون مِن القوة، وإما أن يكون مِن علا يَعلو (٦) .
ومنه قوله تعالى:{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}[آل عمران ١٣٩] قال القرطبي في هذه الآية: بيان لفضل هذه الأمّة؛ لأنّه خاطبهم بما خاطب به أنبياءَه؛ لأنّه قال لِموسى:{إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى} ، وقال لهذه الأمة:{وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْن}(٧) .
فالمؤمن هو (الأعلى) ، ودينه الإسلام يعلو ولا يُعلى.