والمعاني اللغوية تتناسب مع المعنى الشرعي لهذه القاعدة؛ لأنّ المؤمن قويٌّ بإيمانه، فلا يهن ولا يحزن؛ لأنّه هو الأعلى، فدينه الإسلام، وهو للناسِ كافة، ختم الله به الرسالات، ولا يقبل ديناً سواه، وقد شرّف الله به المسلم، إذْ أوجبَ عليه التحاكم إليه؛ لشرف هذا المنهج، ولأنه دين الفطرة. ومِن شرف المسلم أنّ اللهَ جعل العزة له ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين والكافرين والمشركين لا يعلمون، وكل هذه المعاني المتضمنة في هذه القاعدة تنبني عليها فروع تطبيقية كما سيأتي معنا في المباحث التالية بإذن الله.
المبحث الثاني: عزو القاعدة وتوثيقها
نصَّ على هذه القاعدة جمال الدين بن عبد الهادي (٨) ، فقال:
(القاعدة الثلاثون: الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه)(٩) .
وذكرها من المعاصرين الشيخ محمد صدقي البورنو فقال:
(القاعدة الثالثة والثلاثون بعد المائتين: الإسلام يعلو ولا يُعلَى)(١٠) .
وهذه القاعدة علّل بها بعض فقهاء الصحابة والتابعين؛ فقد روى ابن حزمٍ بسنده عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في اليهودية أو النصرانية تُسلم تحت اليهودي أو النصراني قال:(يُفرَّق بينهما؛ الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه)(١١) .
قال ابن حزم:(وبه يفتي حمّاد بن زيد (١٢)) (١٣) .
فظاهر ما رواه ابن حزم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه علل بالمعنى الذي تضمنته هذه القاعدة، وكذا ما نقله ابن حزم عن حماد بن زيد ظاهره أنه كذلك.
وقد اعتبر أصحاب المذاهب الفقهية هذه القاعدة في علل الأحكام الشرعية:
١- قال السرخسي (١٤) - معلّلاً بهذه القاعدة -: (إذا أسلمَ أحد الزوجين فإنّ الإسلامَ يعلو ولا يُعلى عليه، فلا يكون اعتقاد الآخر معارضاً لإسلام المسلم منهما)(١٥) .