الوجه الثاني: أن هذا العدد وقع اتفاقاً لا قصداً فلا يصح الاستدلال به؛ لأنه لم ينص على أنهم أمروا بإقامة الجمعة فلم يقيموها حتى بلغوا أربعين، مما يدل على أن أقل عدد تنعقد به الجمعة أربعين، بل قصارى ما أفاد هو أن العدد الذي أقيمت به أول جمعة في المدينة بناء على هذا الأثر هو أربعون.
الدليل الثالث:
عن جابر بن عبد اللَّه قال: مضت السنة أن في كل ثلاثة إمام أو في كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وأضحى وفطر، وذلك أنهم جماعة ( [٣٩] ) .
وجه الدلالة: أن هذا الحديث يفيد أن أقل عدد تنعقد به صلاة الجمعة وصلاة العيد هو أربعون. مما يدل على أنها لا تنعقد بأقل من ذلك.
يناقش: بأن هذا الحديث ضعيف ( [٤٠] ) فلا يصح الاستدلال به ( [٤١] ) .
دليل القول الثالث:
عن أبي أمامة أن نبي اللَّه- صلى الله عليه وسلم -قال:" على الخمسين جمعة ليس فيما دون ذلك "( [٤٢] ) .
وجه الدلالة: أن هذا الحديث نص على عدم جواز انعقاد الجمعة بأقل من خمسين رجلاً. لأنها لا تجب على من هم أقل من ذلك.
نوقش: أن هذا الحديث ضعيف فلا يصح الاستدلال به ( [٤٣] ) .
أدلة القول الرابع:
الدليل الأول:
عن جابر بن عبد اللَّه قال: بينا النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم -قائم يوم الجمعة إذ قدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول اللَّه- صلى الله عليه وسلم -حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً فيهم أبو بكر وعمر. قال: ونزلت هذه الآية: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها}( [٤٤] )( [٤٥] ) .
وجه الدلالة: أن النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم -استمر في صلاة الجمعة مع أنه لم يبق معه بعد انصراف الناس للعير إلا اثنا عشر رجلاً، وما يشترط للابتداء يشترط للاستدامة، فيكون أقل عدد تنعقد به الجمعة اثني عشر رجلاً ( [٤٦] ) .