بعد الاطلاع على هذه المسألة والنظر في الأقوال الواردة فيها ومعرفة أدلة هذه الأقوال، ومناقشة ما يحتاج إلى مناقشة من هذه الأدلة تبين لي - واللَّه أعلم بالصواب- أن القول الراجح هو القول الأول وهو أن الجمعة تنعقد بثلاثة رجال فإذا وجد ثلاثة رجال من أهل الجمعة صحت إقامة صلاة الجمعة في المكان الذي يقيمون به. وذلك لقوة أدلته وسلامتها من المناقشة ولعدم سلامة أدلة الأقوال الأخرى من المناقشة؛ ولأن هذا العدد أقل الجمع الذي يمكن أن يحصل به اجتماع، خاصة حينما يتقدم الإمام للخطبة والصلاة فيكون خلفه اثنان وبالتالي تكتمل الجماعة ويحصل الاجتماع، واللَّه أعلم.
المبحث الثالث: حكم الخطبة بغير العربية
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها لا تصح بغير العربية لغير الحاجة، وتصح للحاجة.
وهذا قول عند الشافعية ( [٥٨] ) ، ومذهب الحنابلة ( [٥٩] ) ، وقول الصاحبين من الحنفية ( [٦٠] ) ، وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية ( [٦١] ) .
القول الثاني: أنه تشترط الخطبة بالعربية ولا تصح بغيرها.
وهذا مذهب المالكية ( [٦٢] ) ، والشافعية ( [٦٣] ) ، والرواية الصحيحة عند الحنابلة ( [٦٤] ) .
القول الثالث: أنه يستحب الخطبة بالعربية ويصح بغيرها.
وهذا قول أبي حنيفة وهو المعتمد عند الحنفية ( [٦٥] ) ، وقول عند الشافعية ( [٦٦] ) ، ورواية عند الحنابلة ( [٦٧] ) .
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
أن الخطبة لا تكون إلاَّ بالعربية لمن يفهمها ويعرفها ويحصل الفائدة المرجوة منها ولكن إذا كان المستمعون لها لا يفهمونها ولا يعرفونها ولا يحصلون الفائدة المرجوة منها إذا كانت بالعربية فإنه يجوز أن تكون بلسانهم الذي يعرفونه لا بالعربية، وذلك لأن المقصود من الخطبة الوعظ والإرشاد والتوجيه وهذا يأتي لمن لم يفهم الخطبة لكونها ألقيت بغير لسانه ولغته.