للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسبة نوع من أنواع التكافل الإجتماعي ألم يقل الحق سبحانه وتعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله) (٥٩) .

بل عدَّه ابن تيمية (بأنه القطب الأعظم في الدين الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل عمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمَّت وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد) (٦٠) .

ونختم استعراض هذه الأهمية بذكر ذلك المثال الرائع الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُبين فيه مدى خطورة ضياع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أي مجتمع فهو يقول (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذي من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجواونجوا جميعاً) (٦١) .

ولأهمية الحسبة وشرف منزلتها في الإسلام فإنه كان أئمة الصدر الأول يباشرونها بأنفسهم لعموم صلاحها وجزيل ثوابها (٦٢) .

وانطلاقاً من هذه الأهمية للحسبة فإن تعلما ومعرفة أحكامها وفقهها لا يقل أهمية عن ما نوهنا عنه اعلاه (فالاحتساب من أدق العلوم وأسماها، ولا يدركه ويقوم به إلا من له فهم ثاقب وحدس صائب، ولا تسند ولايته إلا لمن له قدرة قدسية مجردة عن الميل والهوى) (٦٣) . واكتملت في حقه الشروط والآداب التي قررها الفقهاء والتي يأتي بيانها.

ثالثاً: تعريف المحتسب:

كما مر معنا في تعريف الحسبة من أنه قد تعددت تعاريفها فإن تعريف المحتسب أيضاً قد تعددت تعاريفه وسأختار أحدها ثم أناقشه.

<<  <  ج: ص:  >  >>