(فالمحتسب مسلم يسعى لتغيير المنكر وإقامة المعروف وفقاً لمنهج الشريعة إمتثالاً لأمر الله وطلباً لثوابه متولياً ومتطوعاً)(٦٤) ، ففي قولي (مسلماً) أعني أن غير المسلم لا يعتبر عمله وإن كان تغييراً للمنكر حسبة، لأن من أول شروط المحتسب كما سيأتي أن يكون مسلماً، ولأن دافع المسلم في تغيير المنكر وإقامة المعروف غير دافع الكافر، فالأول دافعه تعبدي بخلاف الثاني. وقولي (وفقاً لمنهج الله) قيد لئلا يتجاوز المحتسب وهو يؤدي واجبه، ما أمر به الشرع ونهى عنه، وأما قولي (إمتثالاً لأمر الله) فلأننا عرفنا فيما تقدم أن القيام بالحسبة واجب على المسلم يؤديه مع غيره، وأما قولي (وطلباً لثوابه فإنه مر معنا في تعريف الحسبة لغوياً أن المسلم يقوم بذلك ويرجو عليه الثواب من الله، وأما قولي (متولياً أو متطوعاً) فحتى لا يفهم أن الحسبة لا تكون إلا من المكلف من قبل ولي الأمر كما فهمه بعض من عَّرف الحسبة، مما لم نستعرض تعريفه، فإذا كان الذي يُعِّرف الفاعل للعمل هو العمل نفسه فالمكلف والمتطوع في ذلك سواء.
رابعاً: شروط المحتسب:
حتى ينهض المحتسب بعمله على الوجه الذي يرضي فلابد من توفر مستلزمات في نفسه أولها وأهمها توفر شروطاً معينة بذل الفقهاء جهوداً مشكورة في تحديدها.
والشروط التي حددها الفقهاء للمحتسب على ضربين؛ شروط متفق عليها وأخرى مختلف فيها.
أ. الشروط المتفق عليها.
(١) الإسلام: وهذا شرط بدهي في كل الواجبات الدينية إذ أن ما يقوم به المحتسب هو من الواجبات الدينية التي يراد بها نصرة الدين وإعلاء كلمته. وغير المسلم جاحد لأصل الدين فكيف يكون من أهل الوجوب فيه، ثم إنه لا ولاية لكافر على مسلم. ثم إن تكليف غير المسلم للقيام بعمل المحتسب هو إكراه له على القيام بعمل لا يعتقده، ولا إكراه في الدين كما جاء في القرآن.