ونخلص فيما سبق إلي أن الصلات والعلاقات كانت قائمة بين شبه الجزيرة العربية والسودان، وأن أجزاء كثيرة من سودان وادي النيل قد تأثرت بما يحدث بشبه جزيرة العرب بفضل الانتقال والاستقرار السلمي للعرب في أرض السودان.
ومن ثم لم يكن مستغرباً أن تجد الدعوة الإسلامية في شرق أفريقيا " الحبشة " الملاصقة للسودان ملجأها الأول بالإضافة إلي سرعة انتشار الإسلام في أجزاء كثيرة من أفريقيا في سنوات الإسلام الأولي مما يدفعه دليلاً علي عمق وقدم الصلات والوشائج والارتباط بين شبه الجزيرة العربية ومناطق شرق السودان.
نفوذ الدعوة الإسلامية إلي السودان:
بقيام الدعوة الإسلامية وتوطيدها في شبة الجزيرة العربية وبداية انتشارها وسيطرتها علي مصر في شمال وادي النيل بحملة عمرو بن العاص، لم تنقطع العلاقات والصلات العربية بالسودان بل زادت بفضل قوة الدعوة الإسلامية وأصبح هناك طريقان ( [٧] ) أو مدخلان نفذا منهما العرب والدعوة الإسلامية من شبه الجزيرة العربية إلي السودان وهما:
الأول: المدخل الشرقي عبر البحر الأحمر مباشرة، الثاني: المدخل الشمالي عبر مصر، وأن كان هناك ترابط كبير بين المدخلين، وسوف نعرض بإيجاز دور كل واحد منهما في تطوير أبعاد تلك العلاقات، واستمرار هذا الاتصال.
أولاً: المدخل الشرقي (عبر البحر الأحمر)
تكاد المراجع التاريخية تجمع على أن الكثير من قبائل الجزيرة العربية أو على الأدق بعض البطون منها قد قامت بهجرات واسعة مباشرة عبر البحر الأحمر إلي شرق السودان وخاصة بعد قيام الدعوة الإسلامية، ومن أشهر هذه الانتقالات والهجرات، انتقال " جهينه" من منطقة " ينبع " من الجزيرة العربية إلي شرق السودان ( [٨] )
وجهينة اسم لقبيلة عربية مشهورة هي فرع من قضاعة، وأهم وحدات هذه المجموعة القبائل الآتية: