وأكثر هذه القبائل عدداً وأشدها مراسا في الهدندوه، ويعمل الشماليون منهم في الرعي، في حين يمارس الجنوبيون الزراعة.
وأخيراً نجد بني عامر ( [٢٠] ) ، وهم أهدأ عيشاً من سائر البجه، ومواطنهم في طوكر وخور بركه.
وقد تأثرت قبائل البجة بالدعوة المهدية وأثرت عليها تأثيراً يتفاوت بين كل قبيلة وأخري وأحياناً بين أقسام القبيلة الواحدة.
وعندما قامت الثورة المهدية كان بشاريو الشمال (أم علي) بمنأى عن المهدية، فلم تستطع أن تخضعهم لها، ومن جانبها عملت الحكومة المصرية علي استبقاء ولائهم لها بتوزيع الغلال عليهم ( [٢١] ) . في حين حارب بشاربو الجنوب
(أم ناجي) في صف عثمان دقنه قائد المهدية في شرقي السودان ( [٢٢] ) .
أما أبو عمار فقد أثرت فيهم الدعوة المهدية تأثيراً شديداً، وكان معظمهم يقف من الحكومة المصرية موقفاً ودياً، علي أن هذا لم يمنع البعض منهم من أن يقاتل إلى جانب عثمان دقنه، مما أدي إلي انقسام القبيلة علي نفسها انقساما شديداً، بقيت آثاره حتى وقت قريب.
أما الهدندوه، فقد كان لها دور أكبر وأخطر مما كان لسائر البجة. فهي قد أسهمت في الدعوة المهدية إسهاماً جدياً وحاربت تحت قيادة عثمان دقنه، وبذلك شغلت الحكومة المصرية في السودان الشرقي فترة طويلة وهي التي قامت بقطع طريق بربر – سواكن.
ولم يبق إلا بنو عامر، وهؤلاء كانوا في عهد المهدية ينتشرون بين طوكر ومصوع، وقد اتصلت الأقسام التي تحيط بطوكر بالمهدية اتصالا وثيقاً، في حين قاوم بعضها المهدية، والأمر الذي لا شك فيه أن الكثيرين من بني عامر يؤيدوا الدعوة المهدية ( [٢٣] ) وأصبحت بذلك الأراضي الواقعة شرق النيل من جنوب أسوان إلي جنوب دهلك – مصوع جزءاً من الدولة الإسلامية ( [٢٤] ) .