وبالفعل صاحب هذا الامتداد والنفوذ الإسلامي هجرات بطون بعض القبائل والجماعات العربية التي استقرت في تلك المناطق ونشرت معها ثقافتها الإسلامية وأصبحت ترتبط ارتباطا وثيقاً بالدولة الإسلامية، وخاصة موانئ السودان الشرقية والتي ارتبطت بموانئ الحجاز عقب السيطرة العثمانية على الشرق العربي ثم الحرمين في الحجاز، فأصبحت المواني الشرقية والغربية للبحر الأحمر مثل جده، وسواكن ومصوع، وزبيد اليمن، والحديدة، وزيلع تحت سلطة " والي " الحجاز التركي ( [٢٥] ) ، وكان من الطبيعي أن تكون تبعية موانئ السودان الشرقي الإدارية للحجاز – في عهد العثمانيين– واستفادة سكان تلك المناطق من الامتيازات ( [٢٦] ) التي منحها العثمانيون لسكان الحرمين قد شجع الكثير من القبائل العربية علي الهجرة والاستقرار في مناطق شرق السودان، ولعل أشهر الهجرات الجماعية الحديثة هجرة قبيلة الرشايدة إلى شرق السودان ( [٢٧] ) .
وكل هذا بلا شك سواء انتقالات القبائل وبطونها من الجزيرة العربية إلي السودان الشرقي والسيطرة الإسلامية علي تلك المناطق ساهم في نشر العقيدة الإسلامية ( [٢٨] ) .
وما صاحبها ونتج عنها من أفكار سلفية وجعلها متأثرة دائماً بما يحدث في شبه جزيرة العرب.
ثانيا: المدخل الشمالي (عبر مصر)
عندما فتح المسلمون مصر كان شمال السودان ووسطه يعتنق المسيحية منذ القرن السادس الميلادي، وقد قامت فيه ممالك مسيحية ( [٢٩] ) لعل أهمها مملكة المغيرة وعاصمتها "دنقلا" ومملكه علوه وعاصمتها " سوبا " وما أن استتب الأمر لعمرو بن العاص بعد فتح مصر سنة ٦٢٤ م حتى سير حملة جنوباً لغزو النوبة المسيحية وفتحها باسم الإسلام، ولتأمين حدود مصر الجنوبية، ولكن هذه الحملة قوبلت بمقاومة عنيفة ولم تستطع التوغل جنوباً، كانت فرصة لتسرب بعض العرب إلي داخل السودان.