ونجد أن " عبد الله بن سعد بن أبي السرح " الذي خلف " عمرو بن العاص " في حكم مصر، استطاع بعد قتال شديد مع النوبة المسيحية أن يفرض عليهم معاهدة عرفت "بالبقط " يفسرها المؤرخون بأنها معاهدة حسن جوار، أو عدم اعتداء بتعبير حديث تحقق لمصر الإسلامية الاطمئنان علي سلامة أراضيها من ناحية الجنوب، واشترطت علي النوبة المسيحية حفظ مصالح المسلمين وحريتهم الدينية والتجارية ( [٣٠] ) .
وتكاد المراجع التاريخية ( [٣١] ) تجمع علي أن الفترة اللاحقة لفتح مصر وسيطرة المسلمين علي شمال أفريقيا قد شهدت هجرات عربية واسعة للاستقرار في السودان.
وأصبح تدفق العرب إلي السودان مرتبطاً بالأحداث التاريخية والصراعات السياسية في الدولة الإسلامية، فقد عرف السودان اللاجئين السياسيين من العرب كبني أمية الذين فروا من وجه العباسيين إلي بلاد النوبة ( [٣٢] ) التي تمتد من أسوان، وقد أطلق العثمانيون عليها أسم "أرض البرابرة " وتضم هذه المنطقة أجزاء في شمال وجنوب الحدود المصرية السودانية الحالية. ويعيش السكان فيها علي ضفتي النيل ويمثلهم حالياً: السكوت، والمحس، ويطلق عليهم أسم النوبيين المستعمرين، وكانوا في بداية الأمر زراعيين ( [٣٣] ) يعيشون علي الشريط الضيق علي جانبي النيل أو في الجزر النهرية – وبعضها عظيم الاتساع نسبياً – وتروي من فيضان النهر بواسطة السواقي النهرية التي تعتبر من الممتلكات الهامة ( [٣٤] ) .