للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود بالحكمة في الآيات الآنفة النبوة، وهي داخلة في المعنى العام للحكمة، وهو إصابة الحق بالعلم والعقل والعمل به (١) ، فالحكمة من المعاني الجامعة، وما سبق في هذا البحث من علم داود وسليمان عليهما السلام يعتبر من الحكمة، ومن أروع الصور التي بانت فيها حكمتهما ذلكم الملك الواسع الذي استكمل فيه تمام الحكمة، فلم يبلغ أحد من أنبياء بني إسرائيل ما بلغ ملكهما (٢) ، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله تعالى عن داود: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} (٣) ، وقال تعالى عن سليمان: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (٤) ، وإنما بلغا ذلك بما وهبهما الله من العلم السني الذي قام عليه ملكهما وانتظمت به حضارتهما

الفذة، التي تعتبر مثلاً للحضارة الحقة بجميع أبعادها.

وفي قصة سليمان عليه السلام صفحات من تلكم الحضارة النيّرة والحكمة الباهرة، ومنها ما يلي:


(١) انظر الطبري: جامع البيان ٢/٦٣٢، ٢٣/١٣٩، ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، مادة (حكم) ٢/٩١، الراغب الأصفهاني: المفردات، مادة (حكم) ١٢٧، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ١/٤٧٦، ٧/٥١.
(٢) انظر الطبري: جامع البيان ٢٣/١٣٩، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ٣/١٦٤، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ٧/٥٠، محمد الطاهر: التحرير والتنوير ١٧/١١٤.
(٣) ص، الآية ٢٠.
(٤) ص، الآية ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>