للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولتوضيح هذا سوف تتبع هذه الدراسة بتوفيق الله أشهرَ حروف المعاني التي تركَّبت مع غيرها، وأدَّت معنًى جديدا لم تكن لتؤدِّيه قبل التركيب، كما ستتناول الأمور الأخرى التي يحدثها التركيب في هذه الحروف عدا تغيير

معانيها، وستعرِّج على الخلاف الذي دار بين النحاة حول تركيب بعض هذه الحروف؛ بما يوضِّح حجة القائلين بتركيبه، ورأي المخالفين له وحجتهم ... وهذه الحروف هي:

الحرف الأول: حرف التنبيه والاستفتاح (١٠) (ألا)

وهو مركَّبٌ (١١) من "همزة" الاستفهام الدالة على الإنكار وحرف النفي "لا "، وبما أنَّ الإنكار ما هو إلَّا نفي، ونفي النفي إثبات، لذا أفاد هذا الحرف بعد تركيبه التوكيد والتحقيق (١٢) ، يقول ابن هشام (١٣) : (وإفادتها التحقيق من جهة تركيبها من "الهمزة" و" لا "، وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق) (١٤) ويستدلُّ الزمخشري (١٥) على إفادتها التحقيق بتصدر الجملة بعدها بما تتصدر به جملة القسم؛ يقول: (ولكونها في هذا المنصب من التحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مُصدَّرة بنحو ما يتلقى به القسم) (١٦) ، أمَّا عن معنى التوكيد الذي دلَّت عليه " ألا " فيبيِّن منشأه الإسفراييني (١٧) بقوله: (ولعلَّ التأكيد نشأ من الاهتمام المستفاد من ذكرها بشأن الكلام؛ حيث أُزيلت غفلةُ السامع بها قبل ذكره) (١٨) .

و (ألا) هذه تختلف عن (ألا) التي للعرض في نحو قوله تعالى:

{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور ٢٢]

فحرف العرض هذا لو حُذِف لتغيَّر المعنى (١٩) ، وهو مختصٌّ بالأفعال (٢٠) ، أمَّا حرف التنبيه (ألا) فإنَّه يكون في الكلام كالحرف الزائد، يقول الهروي (٢١) : (تكون " ألا " تنبيها وافتتاحا للكلام، وتدخل على كلامٍ مكتفٍ بنفسه) (٢٢) ، والدليل على ذلك جواز دخوله على (لا) أخرى؛ في نحو قول عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلنْ أحدٌ عَلينا فنجهلُ فوقَ جهلِ الجا هِليِنا (٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>