وهو مكوَّنٌ من حرف العطف "بل" و "الألف" الزائدة، وإنَّما تركَّب مع "الألف" لأنَّه حرف جواب، وحقُّ حروف الجواب أن يوقفَ عليها؛ لأنَّها (نائبة عن جملة)(٢٨) ، ولمَّا لم يمكن الوقوف على "بل" لأنَّه حرف عطف، وحروف العطف لا يوقف عليها، تركَّب مع "الألف" للوقف (٢٩) ، هذا رأي الفراء (٣٠) ووافقه ابن فارس (٣١) ، ويستدلان على ذلك باستعمال العرب لهذا الحرف بعد النفي ليبطله، وكأنَّه رجوعٌ عنه كما أنَّ "بل" قد استعملته العرب "للإضراب" الذي هو: الإعراض والصرف والعدل (٣٢) ، وكلُّها تؤدي معنى الرجوع، يقول الفراء: (أصلها كان رجوعاً محضاً عن الجحد إذا قالوا: ما قال عبد الله بل زيد، فكانت "بل" كلمة عطفٍ ورجوعٍ لا يصلح الوقوف عليها، فزادوا فيها ألفاً يصلح فيها الوقوف عليه، ويكون رجوعاً عن الجحد فقط، وإقراراً بالفعل الذي بعد الجحد، فقالوا "بلى" فدلَّت على معنى الإقرار والإنعام، ودلَّ لفظ "بل" على الرجوع عن الجحد فقط) (٣٣) ويوضِّح ابن فارس المهمة التي قامت بها "الألف" سوى أنها زيدت لكي يوقف عليها بقوله: (تقول: بلى، والمعنى أنَّها "بل" وُصِلت بها ألفٌ تكون دليلا على كلام، يقول القائل: أما خرج زيد؟ فتقول: بلى، ف "بل" رجوعٌ عن جحد، و "الألف" دلالةُ كلام، كأنَّك قلت: بل خرج زيد) (٣٤) ، وهذا من أثر التركيب على هذا الحرف.