وللتركيب مع هذا الحرف صورةٌ جديدة تُظهِر قوَّته وتمكَّنه؛ وذلك لأنَّ هذا الحرف مركَّبٌ من جزأين (إذ) و (ما) ، والمتأمل في كلِّ جزءٍ منهما يلحظ التأثيرَ القوي الذي أحدثه " التركيب "؛ فالجزء الأول منه (إذ) وهي ظرفٌ للزمن الماضي (٨٤) ، أي إنَّها " اسم " (والدليل على اسميتها الإخبار بها، وإبدالها من الاسم، وتنوينها في غير ترنم، والإضافة إليها بغير تأويل، نحو: مجيئُك إذ جاء زيد، ورأيتك أمس إذ جئت، ويومئذٍ، و " بعد إذ هديتنا ") (٨٥) ، ولكن لمَّا كان في هذا الاسم كثيرٌ من خواص الحروف؛ فقد جاء على حرفين وهو مبنيٌّ ومبهم مفتقر إلى جملةٍ بعده توضِّحه وتبيِّنه (٨٦) ، ولمَّا كانت (المجازاة بابها الإبهام)(٨٧) ، سُوِّغ لهذا الاسم أن يدخل في باب " الجزاء " شريطة أن يُمنع عن الجملة الموضِّحة له، أي أن " يُكفَّ " عن الإضافة إليها، لذا جيء ب (ما) لتتركَّب معه وتكفَّه عن الإضافة كما كفَّت (إنَّ) و (كأنَّ) عن العمل (٨٨) ، إلَّا إنَّها مع " إذ " لازمة ومع " إنَّ " و " كأنَّ " غير لازمة، وهذا هو التغيير الذي حدث ل (ما)" الكافة " بعد تركيبها مع (إذ) ، أمَّا (إذ) فإنها بعد أن تركَّبت مع (ما) تغيَّرت تغيراً تاماً، حيث إنها انتقلت من الاسمية إلى الحرفية، يقول سيبويه: (ولا يكون الجزاء في " حيث " ولا في " إذ " حتى يضمَّ إلى كل واحد منهما " ما " فتصير " إذ " مع " ما " بمنزلة: إنَّما وكأنَّما، ليست " ما " فيهما