[أي: في إذ وحيث] بلغو، ولكن كلُّ واحدٍ منهما مع " ما " بمنزلة حرفٍ واحد) (٨٩) ، ولم يقف التغيير الذي أحدثه التركيب في هذا الاسم عند هذا الحدِّ، وإنَّما صرفه من الدلالة على الزمن الماضي إلى المستقبل؛ لأنَّ الشرط مختصٌّ بالمستقبل، يقول الجرجاني (٩٠) : (والتغيير في " إذ " ... أنَّه يُصرف عن المضي إلى الاستقبال، ألا ترى أنَّ الجزاء لا يكون بالماضي، وقوله: إذ ما أتيتَ، بمنزلة قولك: إذ ما تأتِ، وتغيير المعنى يقتضي تغيير اللفظ، فإلزامه " ما " يدلُّ على تغيير معناه) (٩١) .
الحرف التاسع: حرف الردع والزجر (٩٢)(كلاَّ)
ويُنسب (٩٣) القول بتركيبها إلى ثعلب (٩٤) ، فهي مركَّبة عنده من (كاف) التشبيه و (لا) النافية (وقال: إنَّما شُدِّدت لامها لتقوية المعنى، ولدفع توهم بقاء معنى الكلمتين)(٩٥) ، والمتتبع للمعاني المختلفة التي أدَّتها (كلاَّ) في جميع استعمالاتها سيتبيَّن له أنَّها لم يبقَ فيها أثرٌ للمعنيين " النفي " و " التشبيه "، وخير دليلٍ نسوقه على ذلك ورودها في السياق القرآني العظيم ... عندما وردت (في ثلاثةٍ وثلاثين موضعا في خمس عشرة سورة ليس في النصف الأوَّل من ذلك شيء)(٩٦) ، وهي في جميع تلك المواضع قد أدَّت معانيَ مختلفة لم يكن النفي أو التشبيه أحدها؛ فقد جاءت على خمسة