وقول ابن فارس:((قال الفرّاء: اَلأَلُّ رفع الصوت بالدعاء والبكاء، يقال منه أَلَّ يَئِلُّ أليلا. وفي الحديث (عَجِبَ ربّكم من أَلِّكم وقنوطكم وسرعة إجابته إيّاكم ... )(١١١) .
والذي يبدو من تصفح المعاجم اللفظيّة القديمة هو أنّ أصحابها لم يكن بينهم خلاف في الاحتجاج بالقرآن ولا بالحديث الشريف ومن هنا رأينا المعاجم اللفظيّة تحفل بهذين المصدرين، وفي ذلك يقول السيوطيّ:((ومن ينعم النظر في معاجم اللغة وكتب قواعدها يجد كتب اللغويين أوفر حظّاً في الاستشهاد بالشعر والنثر على السواء في إثبات معنى أو استعمال كلمة، ويجد النحاة يكادون يقتصرون على الِشعر)) (١١٢) .
ويعدّ تهذيب اللغة من أبرز معاجم الألفاظ في هذا الجانب، فقد اعتنى بالشواهد القرآنية، والأحاديث النبوية عناية فائقة؛ ولا غرابة في ذلك فقد ربط الأزهريّ خاصّة وعلماء اللغة عامّة بين فهم اللغة ومعرفة الكتاب والسنة يقول الأزهريّ:((نزل القرآن الكريم والمخاطبون به عرب أولو بيان فاضل وفهم بارع أنزله جل ذكره بلسانهم وصيغة كلامهم الذي نشأوا عليه وجبلوا على النطق به فتدربوا به يعرفون وجوه خطابه ويفهمون فنون نظامه ولا يحتاجون إلى تعلم مشكله وغريب ألفاظه حاجة المولدين الناشئين فيمن لا يعلم لسان العرب حتى يعلّمه ... وبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - للمخاطبين من أصحابه رضي الله عنهم ما عسى أن تمسّ الحاجة إليه...فاستغنوا بذلك عمّا نحن إليه محتاجون من معرفة لغات العرب والاجتهاد في تعلّم العربية الصحيحة التي بها نزل الكتاب وورد البيان)) (١١٣) .